الكشف عن تورط إماراتي في تجنيد شباب صوماليين لصالح ميليشيات الدعم السريع
كشفت تقارير حديثة عن عملية تجنيد ممنهجة لشباب صوماليين ونقلهم إلى السودان للانضمام إلى قوات الدعم السريع (الجنجويد) التي تخوض حرباً ضد الجيش السوداني. وتشير المعلومات إلى استخدام مطار بوصاصو في إقليم بونتلاند الصومالي كنقطة عبور رئيسية لهذه العملية، مما يثير تساؤلات حول الدور الإماراتي في تأجيج الصراع السوداني. هذه التقارير تكشف عن وجود شبكة تجنيد معقدة تستغل الأوضاع الاقتصادية المتردية في الصومال لاستدراج الشباب بوعود مالية وهمية.
عملية التجنيد والخداع
أفاد الخبير الصومالي عبد العزيز فرح سعيد بمعلومات خطيرة حصل عليها من سكان في مدينة بوصاصو حول مصير عدد من الشباب الصوماليين الذين اختفوا مؤخراً. وأوضح الخبير أن هؤلاء الشباب، الذين كان يُعتقد في البداية أنهم هاجروا بشكل غير نظامي، قد تواصلوا مع عائلاتهم وأبلغوهم أنهم نُقلوا من مطار بوصاصو إلى داخل السودان.
وذكرت المصادر أن هؤلاء الشباب تلقوا وعوداً براتب شهري قدره 500 دولار أمريكي، وأنهم انضموا إلى صفوف ميليشيات الدعم السريع، قائلين: “ذهبنا لأننا وجدنا عملاً”. هذه الممارسة ليست حديثة، فقد كشفت تقارير سابقة أن قوات الدعم السريع استخدمت تكتيكات مماثلة لتجنيد آلاف الشباب السودانيين للقتال في اليمن نيابة عن الإمارات.
وفي سياق متصل، كشفت مصادر متعددة لموقع “المنشر الاخباري” عن تنفيذ مبادرة سرية من قبل الإمارات، لتجنيد وتدريب ما يقرب من 3000 شاب صومالي. وأفادت هذه المصادر بأن عملية تدريب الشبان بدأت منذ أشهر، حيث حصل المجندون، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و28 عاماً، على وعود بوظائف جيدة الأجر، مع إرسال العديد منهم بالفعل إلى السودان ، في حين دفعت الإمارات أجورهم.
قاعدة بوصاصو: البوابة الإماراتية في القرن الأفريقي
تشكل قاعدة بوصاصو العسكرية أحد أهم المرافق الإستراتيجية للإمارات في القرن الأفريقي. تدير أبوظبي هذه القاعدة منذ عام 2017، بموجب عقود وقعتها شركة “موانئ دبي العالمية” لتطوير وإدارة موانئ القاعدة مع حكومة إقليم “أرض الصومال”.
وبحسب معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، فإن الإمارات استخدمت قاعدة بوصاصو لأغراض عسكرية متعددة منها ردع النفوذ الإيراني ومكافحة تهريب الأسلحة للحوثيين ودعم الجماعات العسكرية الموالية لها في جنوب اليمن. ومؤخراً، كشفت تحليلات للأقمار الصناعية تغيرات واضحة في هذه القاعدة، التي تتألف من مدرّج هبوط بطول 3 كم، ورصيف طائرات تزيد مساحته عن 23 ألف متر مربع، يضم نحو 6 حظائر طيران.
ورصدت تقارير حديثة وجود جسر جوي مكثف بين أبو ظبي وقاعدة بوصاصو، باستخدام طائرات من طراز Ilyushin Il-76 المتخصصة بنقل المعدات العسكرية الثقيلة. كما كشف تقرير نشره موقع “Defense Security Asia” عن تورّط إماراتي مباشر في تركيب رادار إسرائيلي متطور بإقليم بونتلاند في الصومال، ودعم سري لميليشيات الدعم السريع في السودان من خلال قاعدة لوجستية جوية في مطار بوصاصو.
نمط متكرر: قضية “الدرع الأسود” وتجنيد المرتزقة
تشبه هذه القضية حادثة وقعت في عام 2020، عندما أحضرت شركة “الدرع الأسود” للخدمات الأمنية الإماراتية سودانيين إلى دبي لتدريبهم عسكرياً لمدة 3 أشهر كحراس أمنيين، ثم أرغمتهم على الذهاب للقتال في ليبيا واليمن.
وبحسب التقارير، فإن نحو 3 آلاف سوداني وقعوا عقوداً مع “الدرع الأسود”، بعضها خُتمت من السفارة الإماراتية في الخرطوم. ولم تقدم هذه العقود أي تفاصيل حول نشرهم في ليبيا أو اليمن. ورفضت الشركة الاستجابة لرغبات هؤلاء المجندين بفسخ عقودهم وإعادتهم إلى السودان، ما جعلهم “رهائن” لدى الشركة، بحسب ما كشف عنه عدد منهم استطاعوا مغادرة ليبيا والوصول إلى السودان.
تداعيات أمنية خطيرة: هجمات بطائرات مسيّرة على بورتسودان
في تطور لافت، شهد السودان مؤخراً هجمات بطائرات مسيّرة استهدفت قاعدة بورتسودان (شرق) الرئيسية في البلاد للمرة الثانية خلال أسبوع واحد، وفق ما أفاد به مصدر في الجيش اتهم قوات الدعم السريع بتنفيذ هذه الهجمات.
وفي إشارة إلى قوات الدعم السريع، قال المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية: “المسيّرات تعاود الهجوم على قاعدة (فلامينغو) البحرية شمال بورتسودان”. وأضاف أنّ انفجارات سُمعت في المنطقة بعد الغارة.
وأدت ضربات سابقة إلى إلحاق أضرار بالبنى التحتية الاستراتيجية في بورتسودان، بما فيها المطار المدني الأخير الذي لا يزال يعمل في البلاد، وبقاعدة عسكرية ومحطة كهرباء ومستودعات وقود وبالميناء الرئيسي للبلاد. وتثير هذه الهجمات مخاوف من احتمال انقطاع المساعدات الإنسانية إلى السودان، حيث أُعلنت المجاعة في بعض المناطق، ويعاني نحو 25 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الخطير.
من هي قوات الدعم السريع؟
قوات الدعم السريع هي في الأساس إعادة هيكلة لميليشيات الجنجويد التي استخدمتها الحكومة السودانية في محاولاتها لمحاربة التمرد المناهض للحكومة خلال الحرب في دارفور. شُكّلت رسمياً في آب/أغسطس 2013 بعدما تمّت إعادة هيكلتها فأصبحت تحت قيادة جهاز الأمن والمخابرات الوطني.
ارتكبت هذه القوات انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، أبرزها مجزرة القيادة العامة في 3 يونيو/حزيران 2019، عندما قامت بفض اعتصام القيادة العامّة بشكلٍ عنيف ما تسبّب في مقتل 100 محتج سلمي على الأقل ومئات الجرحى. كما قامت بعضُ عناصر الدعم باغتصابِ النساء والرجال فضلًا عن نهب منازل المدنيين في العاصِمة وفي مدن أخرى.