أُعلن اليوم عن وفاة المستشار شعبان الشامي، رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق، والمعروف إعلاميًا بـ”قاضي الإعدامات”، عن عمر ناهز 72 عامًا، بعد صراع مع المرض. وقد شُيّعت جنازته عصر اليوم من مسجد الشربتلي بالتجمع الخامس، في جنازة اتسمت بالهدوء والغموض، وسط غياب واضح للرموز القضائية أو الرسمية.
بداياته القضائية.. وارتباطه المبكر بالأمن السياسي
ولد الشامي عام 1951، وتخرج من كلية الحقوق بجامعة عين شمس عام 1975، ليبدأ مشواره في النيابة العامة عام 1976. كان من أوائل الملفات التي أُسندت إليه التحقيقات في “انتفاضة الخبز” عام 1977، حيث تبنّى موقفًا صارمًا ضد المتظاهرين، وشارك في تثبيت رواية رسمية تعتبرهم “مثيري شغب”، وهو ما شكّل نقطة التقاء مبكرة بينه وبين أجهزة الأمن، وفتح له طريقًا سريعًا في سلك القضاء.
قاضٍ في قضايا الرأي العام
لاحقًا، تولى الشامي التحقيق في عدد من القضايا الحساسة، مثل تفجير كنيسة مسرة في شبرا، وأحداث الفتنة الطائفية في الفيوم، قبل أن يُرقى إلى رئيس نيابة عام 1981. وبحلول عام 2002، كان قد وصل إلى محكمة جنايات القاهرة، حيث بدأ ظهوره الأبرز في القضايا ذات البعد السياسي.
تبرئة مبارك والعداء لثورة يناير
في يونيو 2013، أصدر الشامي قرارًا بإخلاء سبيل الرئيس الأسبق حسني مبارك في قضية “الكسب غير المشروع”، ورفض طعن النيابة، معلنًا – بشكل غير معتاد لقاضٍ – أنه “في خصومة مع ثورة 25 يناير”، ما أثار انتقادات واسعة حينها.
أحكام الإعدام
التحوّل الأبرز في مسيرة الشامي جاء عقب ايقاط حكم الإخوان المسلمين، حيث عُيّن لنظر قضايا المعارضة السياسية، خاصة قضيتي “الهروب من سجن وادي النطرون” و”التخابر مع حماس”. وقد أصدر خلالهما أحكامًا بالإعدام على محمد مرسي وعدد كبير من قيادات جماعة الإخوان المسلمين.
في عام 2014، أصدر حكمًا مثيرًا للجدل بإعدام 26 متهمًا في “قضية قناة السويس” غيابيًا، دون سماع مرافعة الدفاع، وهو ما اعتُبر خرقًا صريحًا لأبسط قواعد المحاكمة العادلة.
كان الشامي معروفًا بتشدده وتعاطيه العدائي مع المتهمين السياسيين، إذ حكم على خمسة معتقلين بالسجن عامًا كاملًا لمجرد إدارتهم ظهرهم له داخل القفص الزجاجي احتجاجًا على رفضه سماع دفاعهم. كما رفض مرارًا طلبات العلاج للمحتجزين، متجاهلًا تقارير طبية وشكاوى عن الانتهاكات داخل السجون.
إرث من الجدل والانقسام
برحيل شعبان الشامي، يطوي القضاء المصري صفحة مثيرة للجدل من تاريخه الحديث، حيث ربط كثيرون اسمه بفترة قمع ممنهج للمعارضين السياسيين ومحاكمات تفتقر للعدالة. بينما يرى فيه أنصاره “قاضيًا حازمًا في مواجهة الفوضى”، يراه خصومه رمزًا للظلم المقنن وتسييس القضاء.
توفي المستشار شعبان الشامي يوم الأحد 11 مايو 2025، بعد أكثر من أربعة عقود في سلك القضاء، قضى جزءًا كبيرًا منها في خدمة ما يُوصف بأنه قضاء مُسخّر لترهيب المعارضة وتحصين السلطة.










