بينما يتزايد النفوذ الإماراتي في مفاصل الاقتصاد المصري، من العقارات إلى الإعلام، يبدو أن الرياضة – وتحديدًا كرة القدم – لم تسلم من هذا الزحف. ومع دخول شركات مثل بلتون القابضة وشيميرا كابيتال على خط تمويل النادي الأهلي، لم يعد الأمر مجرد استثمار، بل توغل بأبعاد سياسية وإقليمية تتجاوز الرياضة.
أعلنت شركة بلتون للتأجير التمويلي والتخصيم، التابعة لبلتون القابضة، عن توقيع مذكرة تمويل بقيمة 4 مليارات جنيه مع شركة “القلعة الحمراء” لإدارة منشآت النادي الأهلي، لتمويل مشروع “القرن” الذي يتضمن استادًا عالميًا ومدينة رياضية متكاملة في الشيخ زايد.
اللافت أن بلتون نفسها أصبحت منذ عام 2022 تحت السيطرة الكاملة لشركة شيميرا كابيتال الإماراتية، المملوكة لمستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد، بعد أن استحوذت على 55.9% من أسهمها. هذه السيطرة لا تتوقف عند المال فقط، بل تمتد إلى التوجيه الاستراتيجي، خصوصًا مع تعيين داليا خورشيد، وزيرة الاستثمار السابقة ذات الصلات الوثيقة بالدوائر الإماراتية، رئيسة تنفيذية لبلتون.
المخاوف من هذا التوغل لا تقتصر على الاقتصاد، بل تتجاوز إلى السياسة، خاصة بعد أن كشفت تقارير عن تورط بنك أبو ظبي الأول، أحد ممولي النادي الأهلي، في علاقات مالية مع مؤسسات إسرائيلية تشارك في دعم المستوطنات والاحتلال. هذا الربط بين المال الإماراتي والنشاط الإسرائيلي يعيد للأذهان تحالفات أبو ظبي – تل أبيب التي بدأت بالتطبيع الرسمي ووصلت الآن إلى قلب الرياضة العربية.
أكثر من ذلك، فإن شركات إماراتية حصلت على تراخيص لتأسيس كيانات داخل مصر عبر رجال أعمال إسرائيليين حصلوا على الجنسية الإماراتية، مما يفتح الباب أمام تغلغل إسرائيلي غير معلن عبر البوابة الاقتصادية والرياضية.
الخاتمة: إذا كانت الرياضة لسنوات أحد آخر معاقل الهوية والسيادة الوطنية، فإن ما يحدث اليوم يطرح سؤالًا خطيرًا: هل باتت ملاعب الكرة امتدادًا لمراكز المال والتطبيع؟ وهل أصبحت فرقنا الشعبية رهينة لعلاقات معقدة لا علاقة لها بالرياضة ولا بالمشجعين؟










