شهد مطار باريس أورلي، ثاني أكثر مطارات فرنسا ازدحاماً، شللاً واسعاً في حركة الطيران لليوم الثاني على التوالي، بعد عطل مفاجئ في نظام مراقبة الحركة الجوية أدى إلى إلغاء نحو 40% من الرحلات، أي ما يقارب مئة وثلاثين رحلة من أصل ثلاثمئة وثلاثين رحلة مجدولة يوم الأحد، مع استمرار تقليص الرحلات بنسبة خمسة عشر في المئة إضافية في اليوم التالي.
خلفية الأزمة
بدأت الأزمة عصر الأحد الثامن عشر من مايو عام ألفين وخمسة وعشرين، عندما تسبب عطل في أجهزة الرادار في برج المراقبة في فرض قيود صارمة على حركة الملاحة الجوية، ما أجبر هيئة الطيران المدني الفرنسية على إصدار أوامر لشركات الطيران، من بينها الخطوط الجوية الفرنسية وترانسافيا وفولينغ، بتقليص جدول الرحلات بشكل كبير. شملت الإلغاءات رحلات متجهة إلى وجهات رئيسية مثل تولوز وتونس والرباط وبالما دي مايوركا وأليكانتي، مما أدى إلى فوضى في أروقة المطار وأربك خطط آلاف المسافرين.
حجم الخسائر الاقتصادية المتوقعة
عدد الرحلات الملغاة بلغ نحو مئة وثلاثين رحلة في يوم واحد، تمثل أربعين في المئة من إجمالي الرحلات اليومية في أورلي.
عدد المسافرين المتأثرين: مطار أورلي يخدم أكثر من ثلاثة وثلاثين مليون مسافر سنوياً، أي بمعدل يومي يقارب تسعين ألف مسافر، ما يعني أن عشرات الآلاف تأثروا بشكل مباشر خلال يومي الأزمة.
الخسائر المالية: تشير تقديرات قطاع الطيران الأوروبي إلى أن إلغاء رحلة واحدة في مطار رئيسي يكلف شركات الطيران والمطار بين ثمانين إلى مئة ألف يورو بين تعويضات وخسائر مبيعات وتكاليف تشغيلية. وباحتساب الحد الأدنى، ثمانين ألف يورو مضروبة في مئة وثلاثين رحلة، تصل الخسائر المباشرة ليوم واحد فقط إلى أكثر من عشرة ملايين يورو، دون احتساب الأثر غير المباشر على شركات الخدمات الأرضية والسياحة والفنادق والمطاعم.
الأثر على الاقتصاد المحلي: يمثل قطاع الطيران في باريس نحو خمسة فاصل ثمانية في المئة من الناتج المحلي لمنطقة إيل دو فرانس، ويوفر أكثر من ثلاثمئة وأربعين ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، ما يجعل أي اضطراب في حركة الطيران له تداعيات واسعة على سوق العمل والدورة الاقتصادية في العاصمة الفرنسية.
تداعيات أوسع على قطاع الطيران والسياحة
تأخير وتعطيل الرحلات العابرة: أورلي هو بوابة رئيسية للرحلات الأوروبية والدولية، وأي تعطيل فيه ينعكس على شبكة الطيران في أوروبا وشمال أفريقيا.
تضرر سمعة المطار: تكرار الأعطال التقنية، مثل ما حدث في أغسطس الماضي حين تعطل نظام الحقائب وأثر على عشرة آلاف مسافر، يثير تساؤلات حول جاهزية البنية التحتية وكفاءة أنظمة الطوارئ.
تأثير على شركات الطيران: خسائر الإيرادات، ارتفاع تكاليف التشغيل، زيادة التعويضات للمسافرين، واحتمال فقدان ثقة العملاء.
جهود عاجلة للسيطرة على الأزمة
أكدت هيئة الطيران المدني الفرنسية أن فرقها التقنية تعمل بكامل طاقتها لإعادة الأمور إلى طبيعتها، لكن لم يتم تحديد موعد نهائي لاستئناف العمليات بشكل طبيعي، مع استمرار التحذيرات من مزيد من التأخيرات والإلغاءات في الأيام المقبلة.
خلاصة
تعكس أزمة مطار باريس أورلي هشاشة قطاع النقل الجوي أمام الأعطال التقنية، وتبرز الحاجة للاستثمار المستمر في تحديث الأنظمة لضمان استمرارية حركة الملاحة الجوية. مع خسائر تقدّر بعشرات ملايين اليوروهات خلال ثمان وأربعين ساعة فقط، تبقى التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لهذه الأزمة محل متابعة وقلق من جميع المعنيين بالسفر والاقتصاد الفرنسي.











