مع انطلاق اجتماعات مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم الاثنين في فيينا، كشف المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، عن مخاوف متزايدة من أنشطة إيران النووية، مؤكدًا أن طهران لم ترد على استفسارات الوكالة بشأن ثلاثة مواقع نووية غير معلنة، أو قدمت معلومات غير دقيقة تقنيًا.
وأشار غروسي إلى أن المواقع الثلاثة — ورامين، مريوان، وتركوز آباد — يُشتبه بأنها شهدت أنشطة نووية غير مصرح بها في أوائل العقد الأول من الألفية، مضيفًا أن محاولات إيران لتطهير المواقع أعاقت عمليات التفتيش والتحقق التي تجريها الوكالة.
برنامج نووي “منظم وغير معلن”
وأوضح غروسي أن تحليل الوكالة الفني الشامل استنادًا إلى الضمانات ومصادر مستقلة، قاد إلى استنتاج بأن الأنشطة النووية في هذه المواقع كانت جزءًا من برنامج غير معلن ومنظم، يتضمن استخدام مواد نووية غير مصرّح بها، وهو ما يشكل خرقًا لاتفاقيات الضمانات الموقعة مع إيران بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
مخاوف بشأن مخزون اليورانيوم عالي التخصيب
في كلمته الافتتاحية لاجتماع مجلس المحافظين، أعرب غروسي عن قلق بالغ إزاء تزايد مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب، الذي تجاوز وفقًا لتقارير الوكالة 400 كيلوغرام، وهو مستوى يثير المخاوف حول إمكانية تحويل الاستخدام من السلمي إلى العسكري.
“الوكالة لا يمكنها أن تقف موقف المتفرج في ظل هذه الكميات المتزايدة من المواد الحساسة”، شدد غروسي، مضيفًا أن غياب الشفافية يعيق قدرة الوكالة على ضمان سلمية البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل.
دعم المسار الدبلوماسي
رغم النبرة التحذيرية، أكد غروسي دعمه لاستمرار المفاوضات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة، واصفًا إياها بـ”الحل الوحيد الممكن”. وأضاف أن استقرار البرنامج النووي الإيراني يمكن أن يُحدث “أثرًا فوريًا ويقرّب منطقة الشرق الأوسط من السلام والازدهار”.
تحركات أوروبية أمريكية مشتركة
بالتزامن مع هذه التصريحات، أفادت تقارير بأن فرنسا وبريطانيا وألمانيا، إلى جانب الولايات المتحدة، قدمت مشروع قرار ضد إيران أمام مجلس محافظي الوكالة، في خطوة تُظهر تزايد القلق الدولي بشأن مستقبل الاتفاق النووي الإيراني.
خلفية
تأتي هذه التطورات وسط توتر متصاعد بين طهران والغرب، بعد فشل إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، وتزايد أنشطة إيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهو مستوى يقارب حد الاستخدام العسكري.
ويُعد ملف الضمانات النووية أحد أكثر المواضيع حساسية في العلاقات بين إيران والوكالة الدولية، حيث تطالب الأخيرة بالكشف الكامل عن الأنشطة والمخزونات والمعدات المستخدمة في المواقع غير المعلنة، بينما ترفض طهران ما تصفه بـ”التقارير المسيسة”.
تصريحات غروسي تضع إيران مجددًا تحت ضغط دولي متزايد، وقد تمهّد لتبني قرارات أكثر صرامة داخل مجلس المحافظين. أما التوتر الحالي، فهو اختبار جديد لمساعي العودة إلى طاولة المفاوضات… أو المضي نحو مزيد من التصعيد.










