في عصر الذكاء الاصطناعي وتقنيات التزييف الرقمي، تواجه النساء تهديدات متزايدة لكرامتهن الشخصية، والأخطر هو استهداف الشخصيات العامة. أحدث هذه الفضائح هز إيطاليا بقوة عندما انتشرت صور معدلة رقمياً لرئيسة الوزراء جورجيا ميلوني وعشرات النساء البارزات على موقع إباحي يُدعى “فيكا”.
صدمة سياسية وإعلامية
لم تكن هذه المرة الأولى التي تواجه فيها ميلوني تحديات من هذا النوع. في عام 2024، رفعت دعوى قضائية ضد رجل وابنه في سردينيا لإنتاج مقاطع فيديو مزيفة إباحية لها، مطالبة بتعويض قدره 100 ألف يورو. أعلنت أنها ستتبرع بأي مبلغ تحصل عليه لصندوق حكومي يساعد النساء ضحايا العنف.
أبعاد فضيحة “فيكا”
نطاق الانتهاك
كان موقع “فيكا” – المشتق من مصطلح عامي إيطالي للأعضاء التناسلية الأنثوية – يضم أكثر من 700 ألف مشترك قبل إغلاقه. الموقع لم يستهدف ميلوني وحدها، بل شمل:
أريانا ميلوني، شقيقة رئيسة الوزراء
إيلي شلاين، زعيمة المعارضة
عشرات السياسيات والشخصيات العامة
آلاف النساء العاديات
طريقة العمل الإجرامية
استخدم المشتركون في الموقع صوراً من:
حسابات التواصل الاجتماعي الشخصية
الأحداث العامة والمؤتمرات الصحفية
صور الإجازات والمناسبات الخاصة
برامج التلفزيون والمقابلات
ثم قاموا بتعديلها رقمياً لتكبير أجزاء الجسم أو وضع النساء في أوضاع جنسية، مصحوبة بتعليقات مبتذلة وجنسية.
الاستجابة والمواجهة
موقف رئيسة الوزراء
عبّرت ميلوني عن اشمئزازها من الحادثة، قائلة لصحيفة “كورييري ديلا سيرا”: “أشعر بالاشمئزاز مما حدث. أود أن أعرب عن تضامني ودعمي لجميع النساء اللواتي تعرضن للإساءة والانتهاك”.
وأضافت: “من المخيب للآمال أن نرى في عام 2025 أنه ما زال هناك من يعتبر من الطبيعي الدوس على كرامة المرأة وتوجيه الإهانات الجنسية لها، متسترين وراء هوية مجهولة”.
الإجراءات القانونية
طالبت ميلوني بـ”معاقبة المسؤولين بأقصى قدر من الحزم”، محذرة من أن “المحتوى الذي يبدو غير ضار قد يتحول إلى سلاح فتاك إذا وقع في أيدي غير أمينة”.
الحملة الشعبية والإغلاق
بداية الحملة
كانت السياسية الديمقراطية فاليريا كامبانيا من أوائل من تقدموا بشكوى رسمية، مما دفع آخرين للتقدم بشكاوى فيما وصفته الصحافة الإيطالية بـ”حركة #أنا_أيضاً الإيطالية”.
جمعت عريضة إلكترونية تطالب بإغلاق الموقع أكثر من 150 ألف توقيع.
إغلاق الموقع
أُغلق موقع “فيكا” يوم الخميس بعد موجة غضب عارمة. حاول القائمون على الموقع التبرؤ من المسؤولية، ملقين اللوم على المستخدمين لـ”الاستخدام غير الصحيح للمنصة”.
في بيان الإغلاق، ادّعى الموقع أنه كان مخصصاً “لأولئك الذين يرغبون في مشاركة محتواهم في بيئة آمنة”، لكنه اعترف بأن المنصة تحولت إلى شيء يريد المستخدمون “الابتعاد عنه”.
السياق الأوسع للعنف الرقمي
ظاهرة متنامية
تأتي فضيحة “فيكا” في سياق أوسع من العنف الرقمي ضد النساء في إيطاليا:
كشفت دراسة من جامعة ميلانو عام 2019 أن واحدة من كل خمس نساء في إيطاليا تعرضت لشكل من أشكال المشاركة غير المرغوبة للصور الحميمة
حسب دراسة حديثة، 13% من الإيطاليين يعرفون ضحية انتقام إباحي مباشرة
83.19% من ضحايا الإساءة الرقمية في إيطاليا هم من النساء
مجموعة “زوجتي” على فيسبوك
سبقت فضيحة “فيكا” كشف مجموعة على فيسبوك تُدعى “زوجتي” (Mia Moglie) ضمت أكثر من 30 ألف عضو كانوا يتبادلون صوراً فاضحة لنساء، غالباً ما تُسرق من وسائل التواصل أو تُشارك من قبل الشركاء دون علم النساء.
التأثير على السياسة والمجتمع
استجابة سياسية موحدة
تجاوزت القضية الخطوط الحزبية، حيث تقدمت سياسيات من مختلف الأحزاب بشكاوى، من بينهن:
أليساندرا موريتي (عضوة البرلمان الأوروبي من الحزب الديمقراطي)
أليسيا موراني (وكيلة وزارة سابقة)
سارة فونارو (عمدة فلورنسا)
دعوات للإصلاح القانوني
دعت موريتي إلى “جهد موحد ضد هذه المنصات وإنشاء قوانين جديدة لمساءلة الجناة”، مشيرة إلى أن “الشكاوى فعالة فقط عندما تُقدم من شخصيات معروفة ومؤثرة، بينما النساء العاديات اللواتي يفتقرن للموارد يبقين معزولات وضعيفات”.
الإطار القانوني الإيطالي
قوانين “الانتقام الإباحي”
سنّت إيطاليا في عام 2019 قانوناً يتعامل مع “الانتقام الإباحي”، والذي يعاقب على التوزيع غير المصرح به للصور الجنسية الصريحة بالسجن لمدة تصل إلى ست سنوات.
تُعتبر إيطاليا حالياً الدولة الأفضل في بناء نظام لمعاقبة الانتقام الإباحي، حيث تتعامل معه كجريمة جنسية وتحدد مستوى عقوبة عالي يمكن أن يكون له تأثير رادع










