
بكين – السبت 18 أكتوبر 2025
تستعد الصين لعقد اجتماع حاسم للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني (CCP) في العاصمة بكين، من المتوقع أن يشهد تغييرات واسعة في دائرة الرئيس شي جينبينغ المقربة، في خطوة وصفتها بعض التحليلات بأنها الأكبر من نوعها في تاريخ الحزب الحديث.
ويستمر الاجتماع، الذي يشارك فيه 205 أعضاء من اللجنة المركزية، أربعة أيام، ويهدف بشكل رئيسي إلى إقرار الخطة الخمسية القادمة التي تحدد أولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للصين حتى عام 2030. كما قد يشهد الاجتماع إعلانًا محتملاً عن ولاية رابعة للرئيس شي أو اختيار خليفة مستقبلي، على الرغم من أن ذلك يبدو مستبعدًا في الوقت الحالي.
حملة تطهير سياسية واسعة لتعزيز السيطرة
تشير التوقعات إلى استبعاد نحو 15 عضوًا من اللجنة المركزية، بينهم جنرالات بارزون ومسؤولون حكوميون، لتعزيز هيمنة الرئيس شي على القيادة الصينية. من بين هؤلاء، واحد توفي سابقًا، بينما تم اتهام الأربعة عشر الآخرون بمخالفات قانونية ومالية.
وقبل يومين من الاجتماع، أعلنت وزارة الدفاع الصينية عن تجريد تسعة جنرالات من عضويتهم في الحزب والجيش، في واحدة من أكبر الحملات العلنية على المؤسسة العسكرية خلال عقود، وشملت قيادات من الجيش والبحرية وقوات الصواريخ والشرطة المسلحة. وأفادت الوزارة بأن هؤلاء الجنرالات مشتبه بهم في ارتكاب جرائم مالية جسيمة، فيما يرى محللون أن هذه الخطوة قد تحمل دوافع سياسية أيضًا.
كما شهدت الفترة الأخيرة استبعاد خمسة وزراء وحكام إقليميين بارزين، من بينهم وزير الزراعة السابق تانغ رينجيان، الذي صدر بحقه حكم بالإعدام مع وقف التنفيذ بسبب تلقي رشاوى مالية ضخمة، إضافة إلى حكام سابقين من مناطق منغوليا الداخلية وقوانغشي وزانغ شانشي.
سيتم اختيار أعضاء جدد من بين 165 عضوًا احتياطيًا لتعويض المستبعدين، وهو ما قد يجعل هذه الحملة أضخم حملة تطهير منذ عام 2017، حين استبعد شي 15 عضوًا من اللجنة المركزية، وهي أكبر حملة تطهير في تاريخ الحزب حتى الآن.
التركيز على الولاء والسيطرة على الجيش
يرى خبراء سياسيون أن هذه الحملة تأتي في إطار تعزيز ولاء المسؤولين للرئيس شي على حساب الكفاءة، خاصة داخل المؤسسة العسكرية، وتشديد السيطرة على الأجهزة الحكومية ومنع أي تحديات محتملة لسلطته. ويشير المحللون إلى أن بعض المسؤولين العسكريين والمدنيين الغائبين عن الأحداث العامة الأخيرة قد يكونون أيضًا ضمن قائمة التطهير المرتقبة.
الخطة الخمسية القادمة وأهميتها
تتضمن الخطة الخمسية الخامسة عشرة استثمارات ضخمة في قطاعات استراتيجية مثل الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والطاقة النظيفة، بما في ذلك مشاريع الطاقة الكهرومائية والنووية والطاقة الشمسية. كما تشمل زيادة كبيرة في البنية التحتية مثل السكك الحديدية فائقة السرعة وشبكة القنوات المائية.
وأكد خبراء أن هذه الخطة حاسمة لتحقيق التوازن بين التنافسية طويلة الأجل والإصلاحات الهيكلية قصيرة الأجل التي تهدف إلى استقرار الاقتصاد الصيني.
انعكاسات على السياسة الصينية والعالمية
يرى المحللون أن حملة التطهير هذه قد تزيد من تركيز السلطة في يد الرئيس شي، ما يجعل صناع القرار في الصين أكثر تبعية له ويقلل من هامش المناقشات الداخلية داخل الحزب. هذا التركيز الشديد قد يسرّع من اتخاذ قرارات استراتيجية بشأن الاقتصاد والتكنولوجيا والدفاع، لكنه يرفع مخاطر الاستقرار الداخلي على المدى الطويل بسبب استياء المسؤولين المستبعدين أو المهددين بالطرد.
على الصعيد الدولي، قد تؤثر هذه التغييرات على سياسات الصين الخارجية، بما في ذلك التوترات مع الولايات المتحدة حول التكنولوجيا والتجارة، وسياسات بكين تجاه تايوان والمناطق الحدودية. كما يمكن أن يعزز هذا الوضع موقف الصين في المفاوضات الدولية، لكنه قد يزيد أيضًا من مخاوف الشركاء العالميين بشأن التوقعات السياسية الطويلة الأجل واستراتيجية الصين الطموحة نحو 2030.
المحطات السياسية القادمة
الفترة بين 2026 و2031 تعتبر مفصلية للقيادة الصينية، مع محطات سياسية مهمة تشمل:
• 2027: الذكرى المئوية لتأسيس الجيش الصيني، والتي قد تُعتبر فرصة لتحقيق “إعادة توحيد” محتملة مع تايوان.
• 2029: الذكرى الثمانون لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.
• 2030: توقعات بأن يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي للصين الولايات المتحدة، وفق بعض التقديرات.
مع هذه المعالم، يبدو أن الرئيس شي لن يعلن عن خليفة في الاجتماع المرتقب، لتفادي أي تهديد لسلطته، ويشير المحللون إلى أن السيطرة الشخصية على الحزب والجيش أصبحت أولوية قصوى في سياسته الحالية.
يرى خبراء أن أسلوب شي يعكس تركيزًا شديدًا على الولاء الشخصي، حيث يقيم علاقاته مع المسؤولين على أساس الطاعة والولاء المباشر له، مستلهمًا بعض الأساليب التي كان يتبعها ماو تسي تونغ في مراحل لاحقة من حكمه. وقد يؤدي هذا النهج إلى توتر داخلي داخل المؤسسات، لكنه يعزز في الوقت ذاته هيمنة شي على السلطة، مع إضعاف أي معارضة محتملة داخل الحزب










