يعيش العالم الأثري هذا الأسبوع حدثاً استثنائياً عنوانه «الوداع الملكي لتوت عنخ آمون»، بعد أن شهد المتحف المصري بالتحرير آخر أيام عرض القناع الذهبي الشهير للفرعون الذهبي، تمهيداً لنقله إلى موقع عرضه الجديد في المتحف المصري الكبير بالجيزة استعداداً للافتتاح الرسمي المقرر مطلع نوفمبر المقبل
.القناع الذهبي يغير عنوانهفجر اليوم الاثنين، أنهت وزارة السياحة والآثار عملية نقل القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون، إحدى أبرز القطع الأثرية وأكثرها شهرة في العالم، إلى المتحف المصري الكبير وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة. وأكد الدكتور أحمد غنيم، رئيس هيئة المتحف المصري الكبير، أن عملية النقل تمت وفقاً لأعلى المعايير العلمية، بإشراف خبراء مصريين متخصصين في التغليف والترميم لضمان سلامة القطع الأثرية أثناء الرحلة التي وصفت بأنها “نقل ملكي حديث”
وقد شهد المتحف المصري بالتحرير ازدحاماً استثنائياً في الساعات الأخيرة قبل إغلاق القاعة المخصصة لتوت عنخ آمون، حيث توافد المصريون والسياح لتوديع القناع الذهبي الذي ارتبط لعقود بتاريخ القاهرة الأثري
.الملك الشاب بطل المتحف الكبير
من المقرر أن يحتل توت عنخ آمون مكان الصدارة في المتحف المصري الكبير، حيث ستُعرض مقتنياته كاملة لأول مرة منذ اكتشاف المقبرة عام 1922 داخل قاعتين بمساحة 7500 متر مربع.
وسيتاح للزوار من مختلف دول العالم مشاهدة أكثر من خمسة آلاف قطعة أثرية في عرض بصري متكامل يوظف أحدث تقنيات الإضاءة والهولوجرام، ليحاكي رحلة الملك في العالم الآخر
وأكد الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن الافتتاح الرسمي سيُقام في الأول من نوفمبر 2025، بينما سيبدأ استقبال الجمهور رسمياً في الرابع من الشهر نفسه، تزامناً مع الذكرى 103 لاكتشاف المقبرة بوادي الملوك
.وداع تاريخي بعد قرن من العرض
بعد أكثر من مئة عام على عرض كنوز الفرعون الذهبي في المتحف المصري بالتحرير، أُغلق chapter كامل من تاريخ المتحف. فقد صرّح مدير المتحف الدكتور علي عبد الحليم بأن «التحرير ودّع أغلى مقتنياته بعد رحلة طويلة أثرت الوعي الحضاري والإنساني». وأكد أن القاعة التي ضمت مقتنيات توت عنخ آمون ستشهد عملية تطوير جديدة لاستقبال معروضات من حقب فرعونية أخرى
.مفاجآت العرض الجديدالمتحف المصري الكبير يستعد لعرض تجربة غير مسبوقة تحمل ما يسميه الخبراء «الفصل الأسطوري الجديد للملك الذهبي». إذ سيتضمن العرض مقصورة الإله أنوبيس، والعربات الملكية، وصناديق الأواني الكانوبية، والعرش الذهبي الذي يجسد مشهد حميمي بين الملك وزوجته عنخ إسن آمون
كما سيتيح المتحف للزوار رؤية القناع من جميع الجوانب عبر منصة عرض دوارة مغطاة بزجاج فائق النقاء مع إضاءة موجهة تظهر تفاصيل الذهب والأحجار الكريمة التي تزين الوجه الخالد للملك الشاب
.رمزية الفرعون الذهبي
توت عنخ آمون، الذي حكم مصر في عمر الثالثة عشرة وتوفي قبل بلوغه العشرين، يظل رمزاً خالداً للحضارة التي لا تموت. ويشير علماء المصريات إلى أن مقبرته، رغم صغر حجمها مقارنة بالفراعنة السابقين، تضم أكثر من خمسة آلاف قطعة أثرية تحاكي معتقدات المصريين عن الخلود والبعث
وقد أعاد اكتشاف المقبرة على يد هوارد كارتر عام 1922 تشكيل الوعي العالمي بتاريخ الفراعنة، لدرجة أن «الملك الذهبي» صار أيقونة ثقافية تجاوزت حدود علم الآثار إلى السينما والفنون والسياحة
.بين اللعنة والأسطورةرغم مرور أكثر من قرن على اكتشاف المقبرة، لا تزال «لعنة الفراعنة» التي ارتبطت بتوت عنخ آمون مادة خصبة للأسطورة، بعد وفاة عدد من أعضاء البعثة البريطانية بظروف غامضة بعيد اكتشاف المقبرة. ويؤكد علماء الآثار المصريون أن التفسير العلمي لتلك الحوادث يعود إلى استنشاق الفطريات والرطوبة داخل المقابر، لكن البريق الأسطوري للملك الشاب يبقى أقوى من أي تفسير
.مصر تفتتح فجرها الذهبي من جديدالاهتمام العالمي المتجدد بتوت عنخ آمون يعكس المكانة الفريدة لمصر في الوعي الإنساني، إذ سيشكل افتتاح المتحف المصري الكبير أحد أكبر الأحداث الثقافية على مستوى العالم خلال العقد الحالي. وتجري الاستعدادات لاحتفال مهيب بحضور زعماء العالم وشخصيات فنية بارزة من مختلف الدول.
الافتتاح حملة ترويجية تحمل شعار «مصر تبدأ عصرها الذهبي مجددًا»، تؤكد أن إرث توت عنخ آمون لا يخص الماضي فقط، بل يشكل نافذة على المستقبل أيضًا










