وول سوينكا، الكاتب النيجيري الحائز على نوبل، أيقونة الأدب والنقد السياسي، يواصل تحدي السلطات والقيود الدولية بعد إلغاء تأشيرته الأمريكية من قبل إدارة ترامب، مع استمرار أعماله الأدبية المليئة بالسخرية والوعي الاجتماعي.
في مشهد يسلط الضوء على الصراع بين الأدب والنفوذ السياسي، أعلن الكاتب النيجيري الشهير والحائز على جائزة نوبل للأدب، وول سوينكا (91 عاماً)، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ألغت تأشيرته لدخول الولايات المتحدة. تصريحات سوينكا الأخيرة، التي قارن فيها ترامب بالديكتاتور الأوغندي إيدي أمين، ربما كانت آخر شرارة أثارت غضب الإدارة الأمريكية.
رحلة الأدب والسياسة
ولد سوينكا عام 1934 في نيجيريا، وشق طريقه ليصبح أحد أبرز الكتاب المسرحيين في القرن العشرين، قبل أن يُمنح جائزة نوبل للأدب عام 1986، ليكون أول أفريقي ينال هذا التكريم في مجال الأدب. أعماله تتناول موضوعات العدالة الاجتماعية، السلطة، الفساد، والهوية الإفريقية، ومن أشهرها مسرحية Death and the King’s Horseman.
على مدى عقود، لم يكن سوينكا مجرد كاتب، بل ناقد سياسي جريء، لم يتردد في مواجهة الأنظمة القمعية في نيجيريا وخارجها. وقد أعرب سابقاً عن مواقفه الداعمة لفلسطين وانتقاده للسياسات الأمريكية في الشرق الأوسط، وهو ما جعل صوته مرئياً عالمياً ومثيراً للجدل في آن واحد.
الولايات المتحدة وإلغاء التأشيرة
كان سوينكا يحمل إقامة دائمة في الولايات المتحدة، لكنه أحرق بطاقة الإقامة الخضراء الخاصة به بعد فوز ترامب في 2016، معلناً رفضه للتدخلات السياسية الأمريكية. وفي خطاب صحفي يوم الثلاثاء، قال سوينكا:
“لدي الآن لا تأشيرة، أنا ممنوع… لا تهدروا وقتكم بدعوتي للولايات المتحدة”.
القرار جاء بعد مقابلة محتملة مع القنصلية الأمريكية في لاغوس لإعادة تقييم تأشيرته، رفض سوينكا الحضور لها، مؤكداً أنه ليس لديه ما يبحث عنه في الولايات المتحدة.
الأدب كأداة نقد ووعي
إلى جانب مسرحياته، نشر سوينكا روايته الأخيرة Chronicles from the Land of the Happiest People on Earth عام 2021، وهي سخرية لاذعة من الفساد في نيجيريا، واصفاً كتابه بأنه “هدية لنيجيريا”. عمله الأدبي يعكس دائماً مزيجاً من الحكمة الإفريقية والفكاهة الساخرة، مع نقد اجتماعي وسياسي عميق.
سوينكا عمل أيضاً في جامعات أمريكية مرموقة مثل هارفارد وكورنيل، وحظي بالعديد من التكريمات، لكنه ظل محافظاً على استقلاليته الفكرية، رافضاً أن يكون جزءاً من منظومة سياسية أو تعليمية تضيق على حرية التعبير.
الناقد السياسي
على الرغم من تقدمه في السن، يواصل سوينكا نقده السياسي، ليس فقط في سياق ترامب، بل أيضاً في قضايا الهجرة وحقوق الإنسان. في مقابلة مع الغارديان، قال:
“الأمر لا يخصني فقط… رؤية الناس يُقتادون من الشوارع ويختفون لشهر، نساء مسنات، أطفال… هذا ما يقلقني”.
ويأتي قرار ترامب بإلغاء التأشيرة كجزء من سياسة أوسع للهجرة وقمع الأصوات المنتقدة، خاصة طلاب الجامعات أو الشخصيات العامة التي تنتقد السياسات الأمريكية أو تعارضها.
سوينكا رمز الاستقلال الفكري
وول سوينكا ليس مجرد كاتب، بل رمز للمقاومة الفكرية والشجاعة الأدبية. على مدار سنوات، أثبت أن الأدب يمكن أن يكون سلاحاً للنقد والوعي الاجتماعي، وأن النقد الصريح لا يُقيد بالعمر أو المكان.
سوينكا يظل أيقونة نيجيرية وعالمية في الوقت نفسه، تجمع بين الحكمة، الدعابة، والشجاعة الأخلاقية التي تجعل من صوته صوتاً يُسمع حتى في مواجهة أقوى الأنظمة.










