ترامب وشي يختتمان اجتماعًا في بوسان استمر أكثر من ساعة ونصف دون تصريحات، بينما يعلن ترامب استئناف التجارب النووية الأمريكية، ما يعيد التوتر بين واشنطن وبكين إلى الواجهة.
اختتم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ اجتماعهما في مدينة بوسان الكورية الجنوبية بعد جلسة استمرت نحو ساعة وأربعين دقيقة، وُصفت بأنها من أكثر اللقاءات أهمية بين القوتين منذ تصاعد التوترات بينهما خلال الأشهر الأخيرة.
وأظهرت اللقطات المباشرة الزعيمين وهما يغادران مبنى المفاوضات بعد مصافحة قصيرة، قبل أن يستقل شي سيارة الليموزين الخاصة به التي غادرت المكان، فيما صعد ترامب إلى طائرته الرئاسية “إير فورس وان” دون أن يُدلي بأي تصريحات للصحفيين.
ولم يصدر أي بيان رسمي بعد حول نتائج اللقاء، لكن مصادر إعلامية صينية أكدت أن الاجتماع قد انتهى، بينما لم يُعلن أي من الطرفين تفاصيل عن مضمون المحادثات.
إعلان نووي أمريكي قبل الاجتماع
وجاء اللقاء في أجواء مشحونة، إذ أعلن الرئيس الأمريكي قبل دقائق من انعقاده أنه أمر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ببدء اختبارات للأسلحة النووية “على نفس المستوى” الذي تجريه كل من روسيا والصين.
وقال ترامب عبر منصته الاجتماعية “تروث سوشيال”:
“نظرًا لبرامج الاختبارات التي تجريها الدول الأخرى، فقد أمرت وزارة الحرب ببدء اختبار أسلحتنا النووية على أساس المساواة، وسيبدأ ذلك فورًا.”
ويأتي القرار بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، أن موسكو اختبرت بنجاح طائرة مسيّرة نووية تحت الماء، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تحدٍ مباشر للولايات المتحدة.

الوفدان المرافقان
شارك في الاجتماع وفدان رفيعان من الجانبين.
وضم الوفد الصيني وزير الخارجية وانغ يي، والمستشار السياسي البارز تساي تشي، ونائب رئيس الوزراء هي ليفينغ، ورئيس هيئة التخطيط الوطني تشنغ شانجيه، ووزير التجارة وانغ ونغتاو، إلى جانب نائب وزير الخارجية ما تشاوشو.
أما الوفد الأمريكي فضم وزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الخزانة سكوت بيسنت، وممثل التجارة جيميسون غرير، ووزير التجارة هوارد لوتنيك، والسفير الأمريكي لدى الصين ديفيد بيرديو، ورئيسة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز.
وبحسب وكالة “رويترز”، تناولت المحادثات ملفات التجارة، والمعادن النادرة، وصادرات فول الصويا الأمريكية، التي تأثرت بشدة جراء الحرب التجارية بين واشنطن وبكين خلال السنوات الأخيرة.
تفاعل الأسواق
ارتفعت الأسهم الصينية صباح الخميس بالتزامن مع بدء اللقاء، حيث صعد مؤشر شنغهاي المركّب بنسبة 0.2% ليصل إلى 4025.70 نقطة، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2015.
وأرجع محللون هذا الارتفاع إلى آمال المستثمرين في تهدئة التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم، في حين أبدى آخرون حذرهم من أن النتائج الفعلية قد لا تكون بقدر التوقعات.
كما ارتفع مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ بنسبة 0.6% بعد استئناف التداول عقب عطلة رسمية.
تايوان تتابع الموقف
وفي تايبيه، قال وزير الخارجية التايواني لين تشيا-لونغ إن حكومته “واثقة من علاقاتها القوية مع الولايات المتحدة”، مضيفًا أن بلاده “تتابع المحادثات عن كثب”.
وأكد الوزير أن لدى بلاده “قنوات تواصل مفتوحة ووثيقة” مع واشنطن، مشيرًا إلى أن حكومته المنتخبة ديمقراطيًا “ترفض ادعاءات بكين بالسيادة على تايوان”.
وكان ترامب قد صرّح سابقًا بأن الرئيس شي أبلغه بأنه لن يقوم بأي عمل عسكري ضد تايوان خلال فترة رئاسته، إلا أن الولايات المتحدة لم توافق حتى الآن على أي صفقة جديدة لبيع أسلحة للجزيرة.
ردود فعل وتحليلات
قال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت قبل اللقاء إن الولايات المتحدة ستصدر إعلانًا يشكّل “انتصارًا كبيرًا لمزارعيها”، مرجّحًا أن تستأنف الصين شراء فول الصويا الأمريكي بعد انقطاع استمر عامًا كاملًا بسبب الحرب التجارية.
ويُذكر أن الصين كانت أكبر مستورد لفول الصويا الأمريكي، إذ بلغت مشترياتها العام الماضي أكثر من 12 مليار دولار، بينما لم تشترِ هذا العام أي كميات تذكر، في ظل استمرار الخلافات التجارية.
ويرى محللون أن اللقاء بين ترامب وشي قد يشكّل بداية جديدة لإعادة صياغة العلاقات الاقتصادية، لكنه في الوقت ذاته يفتح الباب أمام مرحلة من التصعيد النووي والسياسي، بعدما ربط ترامب بشكل مباشر بين الاختبارات النووية والتوازن في القوة العالمية.
حتى الآن، لم يصدر أي تعليق رسمي من واشنطن أو بكين حول نتائج المحادثات أو ما إذا كان تم التوصل إلى اتفاق جديد.
لكنّ المؤشرات الأولية تعكس مشهدًا مزدوجًا: تهدئة اقتصادية محدودة يقابلها تصعيد عسكري غير مسبوق.
وبين مصافحة رمزية في بوسان وقرارٍ نووي مثير للجدل، يبدو أن العلاقات الأمريكية – الصينية دخلت مرحلة أكثر تعقيدًا وغموضًا، تضع العالم مجددًا على حافة توازنٍ هش بين التعاون والمواجهة.










