مظاهرات حاشدة تهتف لا لسفارات السلاح.. نعم لصناديق الاقتراع
تجددت المظاهرات في عدد من المدن الليبية اليوم للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية عاجلة، في مشهد يعكس تصاعد غضب الشارع من استمرار الانقسام السياسي وطول عمر المرحلة الانتقالية دون أفق واضح لنقل السلطة عبر صناديق الاقتراع.
ورفع المحتجون شعارات ترفض بقاء الأجسام التنفيذية والتشريعية الحالية، وتطالب بإنهاء ما يسمونه بـ”شرعية الأمر الواقع” لصالح شرعية جديدة منبثقة عن انتخابات عامة تحت إشراف أممي ودولي واسع.
مشهد المظاهرات على الأرض
شهدت العاصمة طرابلس ومدن في الغرب والشرق الليبي خروج مئات المتظاهرين إلى الساحات العامة عقب صلاة الجمعة، رافعين الأعلام الوطنية وصوراً ترمز لوحدة البلاد، ومرددين هتافات تدعو إلى رحيل الطبقة السياسية الحالية وإجراء انتخابات “موحدة وشاملة” في أقرب الآجال.
وأكد منظمو الحراك أن تحركهم سلمي، ويهدف إلى الضغط الشعبي على المجلس الرئاسي، وحكومتي الغرب والشرق، والبعثة الأممية، لوضع جدول زمني ملزم للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بعيداً عن صفقات النخبة وصراع النفوذ بين العواصم الإقليمية والدولية.
مطالب المحتجين ورسائله
مركزت بيانات المتظاهرين على حزمة من المطالب، في مقدمتها: إنهاء كل الأجسام الانتقالية القائمة، وتشكيل سلطة موحدة مؤقتة بمهام محددة تتولى تهيئة المناخ لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تحت رقابة أممية وقضائية مستقلة.
كما شدد المحتجون على ضرورة وضع إطار دستوري واضح ومتوافق عليه، ومعالجة الثغرات القانونية التي تسببت في تعطيل انتخابات ديسمبر 2021، بما يمنع تكرار سيناريو التأجيل، ويضمن قبول جميع الأطراف بنتائج الاقتراع مسبقاً.
خلفية سياسية وأممية للأزمة
تأتي هذه الجولة الجديدة من المظاهرات في ظل استمرار حالة الجمود السياسي بين الحكومتين المتنافستين في طرابلس والشرق، حيث يرفض كل طرف التخلي عن السلطة قبل حسم شكل العملية الانتخابية وقوانينها، ما يبقي البلاد في حلقة مفرغة من المراحل الانتقالية.
وفي موازاة ذلك، طرحت البعثة الأممية خريطة طريق تقوم على ثلاثة محاور رئيسية: وضع إطار انتخابي توافقي للرئاسة والبرلمان، وتوحيد المؤسسات التنفيذية والعسكرية والمالية، وإطلاق حوار وطني واسع لمعالجة ملفات الحكم والاقتصاد والأمن والمصالحة.
موقف المجلس الرئاسي والمجتمع الدوليالمجلس الرئاسي كان قد دعا في مناسبات سابقة إلى دعم مسار وطني “ليبي–ليبي” ينتهي بانتخابات عامة، مطالباً المجتمع الدولي بالكف عن التعامل مع ليبيا كساحة لتصفية الحسابات، وباحترام إرادة الناخب الليبي في اختيار قيادته دون إملاءات خارجية.
أما على مستوى الأمم المتحدة والدول الكبرى، فتتكرر الدعوات إلى إجراء انتخابات “حرة وشفافة وشاملة” باعتبارها المخرج الوحيد من حالة الانقسام، مع التشديد على أن نجاح أي استحقاق انتخابي مرهون بوجود إرادة سياسية حقيقية لدى الأطراف المحلية لقبول النتائج ووقف توظيف الميليشيات والسلاح في الصراع على السلطة.
سيناريوهات المرحلة المقبلةيرى مراقبون أن استمرار الضغط الشعبي عبر المظاهرات قد يدفع الأطراف المتنازعة إلى تقديم تنازلات بشأن القوانين الانتخابية وتشكيل حكومة موحدة تشرف على الاستحقاق، خصوصاً مع ازدياد استياء الشارع من تدهور الخدمات وغلاء المعيشة وغياب أفق اقتصادي واضح.
غير أن آخرين يحذرون من أن تجاهل صوت الشارع، أو محاولة قمع التحركات السلمية، قد يفتح الباب أمام انفجار أمني جديد، ويعيد ليبيا إلى مربع المواجهات المسلحة، في وقت يحضّر فيه المجتمع الدولي لمرحلة جديدة من التدخل السياسي تحت عنوان “إنقاذ المسار الانتخابي”.










