أصدرت المحكمة العليا في جوهانسبرغ أمرًا للسلطات بـ«اتخاذ جميع التدابير المعقولة لضمان وصول آمن وغير معرقل… لجميع الأشخاص الباحثين عن الخدمات الصحية». وخصت المحكمة البلديات ووزارة الصحة والشرطة بواجب اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع مجموعات المراقبة المعادية للأجانب من حظر الوصول إلى المنشآت الصحية العامة محذرة من أن استمرار هذه الظاهرة يشكل تهديدًا خطيرًا للديمقراطية وحقوق الإنسان
جوهانسبرج _ ٥ ديسمبر
أصدرت المحكمة العليا في جوهانسبرغ أمس الخميس تحذيرًا شديد اللهجة للحكومة الجنوب أفريقية، مطالبة السلطات باتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة موجة احتجاجات متصاعدة تستهدف المهاجرين غير القانونيين ، وتهدد وصولهم إلى المستشفيات والعيادات.
ووصف القاضي ستيوارت ويلسون الوضع بأنه «مثير للأسف، أن تكون الدعوى القضائية ضرورية لمعالجة ما حدث في العيادات». وأضاف: «ضعف استجابة الدولة أمام هجوم مباشر ومنظم على جهودها لتأمين الرعاية الصحية الأساسية لبعض أكثر الفئات ضعفًا في المجتمع يشكل مصدر قلق بالغ»
تأتي هذه الاحتجاجات ضمن أنشطة مجموعة مدنية تعرف باسم “عملية دودولا”، والتي تعني باللغة الزولو “ادفع للخلف”. وقد نفذت المجموعة اعتصامات وتحركات في مقاطعتي غوتينغ وكوازولو ناتال لعدة أشهر، حيث كانت تقوم بالتحقق من بطاقات الهوية ومنع غير المواطنين من الدخول إلى المرافق الصحية، في سلوك أثار استياء حقوقيين ومجتمع دولي واسع.
فقد تأسست حركة «Operation Dudula» عام 2020 كحركة مدنية، لكنها اكتسبت زخماً أكبر مع انضمام شبان سود أفارقة لممارساتها شبه العسكرية، والتي شملت إغلاق متاجر يملكها أجانب ومنع أطفال المهاجرين من الالتحاق بالمدارس العامة. وقد حولت الحركة الغضب الشعبي من جرائم وعجز في فرص العمل نحو المهاجرين
وقالت المحكمة في حكمها إن السلطات المحلية ووزارة الصحة والشرطة “ملزمة باتخاذ كافة التدابير لضمان وصول آمن وغير معاق لكل من يسعى للحصول على خدمات الرعاية الصحية”. وأكد القاضي ستيوارت ويلسون أن تقاعس الدولة عن حماية المستشفيات وفتحها لجميع المرضى يشكل “تهديدًا خطيرًا للديمقراطية وحقوق الإنسان”، ووصف موجة كراهية الأجانب بأنها “نوع آخر من العنصرية” يتطلب وقفة حاسمة.
وتعد جنوب إفريقيا أكبر اقتصاد صناعي في القارة، ووجهة رئيسية للباحثين عن العمل رغم ارتفاع معدل البطالة فيها إلى نحو 32%. ويعيش في البلاد نحو 2.4 مليون مهاجر، وفق بيانات رسمية لعام 2022، أي ما يقارب 4% من السكان. وقد أدت موجات الهجرة والتوقعات الاقتصادية المتواضعة إلى تفجر أعمال عنف متفرقة ضد المهاجرين في السنوات الأخيرة
وكانت المحكمة قد أصدرت في نوفمبر الماضي قرارًا يلزم مجموعة “عملية دودولا” بوقف أي حواجز غير قانونية أمام المرافق الصحية، إلا أن بعض الاعتصامات المتفرقة ما زالت مستمرة، ما أثار مخاوف من تصاعد العنف ضد الأجانب وحرمانهم من خدمات طبية أساسية.
ويحذر خبراء حقوقيون من أن استمرار هذه الاحتجاجات قد يعمّق الانقسامات الاجتماعية ويزيد من هشاشة النظام الصحي أمام الفئات الأكثر ضعفًا، مطالبين الحكومة باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لضمان سلامة المهاجرين وحماية حقهم في الصحة العامة.
وقالت منظمة «أطباء بلا حدود» في أغسطس إن أنشطة المجموعة أثرت بشكل كبير على آلاف المرضى في عشرات العيادات، بمن فيهم نساء حوامل بشكل كبير وأطفال ومرضى يعانون أمراضًا مزمنة من السكري إلى فيروس نقص المناعة المكتسبة (HIV)، كما شهدت المنظمة تعاون بعض العاملين في الأمن والمستشفيات مع المحتجين في عيادتين










