كشفت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي، شارين هاسكل، عن إجراء “محادثات معينة” وسرية مع الصومال، مؤكدة أن مقديشو قد تكون قريبا على طريق التوقيع على اتفاقيات إبراهيم، وأنها تمتلك مفتاح التجارة العالمية والممرات البحرية في ظل تهديدات الحوثيين وإيران.
وفي مقابلة مطولة مع قناة i24NEWS، وصفت هاسكل، وهي عضو بارز في الكنيست عن حزب الليكود، الصومال بأنه “دولة ذات أهمية استراتيجية بالغة للعالم”. وأشارت إلى أن الصومال باتت تمتلك موقعا حيويا لحماية طرق التجارة العالمية ومضيق باب المندب، الذي يمر عبره 12% من التجارة العالمية.
تحذير من “استيلاء عدائي” إيراني
وربطت هاسكل التحديات الأمنية في الصومال بتغلغل إيران ووكلائها، معتبرة أن الوضع يمثل استيلاء عدائيا من قبل جماعات متطرفة قد ينعكس تأثيره على العالم بأسره.
الصومال إسرائيل.. نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي تكشف عن محادثات سرية مع مقديشو
ويأتي هذا الإعلان في وقت لم تصدر فيه الحكومة الصومالية أي تصريحات رسمية، في ظل تاريخ طويل من دعم مقديشو للقضية الفلسطينية وعضويتها في جامعة الدول العربية، ما يضيف تعقيدا لأي خطوات تطبيع رسمية.
يأتي هذا الكشف في ظل تصاعد التوترات في البحر الأحمر وهجمات الحوثيين (المدعومين من إيران)، مما يبرز أهمية الصومال كمنطقة عازلة ضد النفوذ الإيراني المتنامي في القرن الأفريقي.
وشددت نائبة الوزير على أن الوضع في الصومال “خطر للغاية” وسيكون له “تأثير كبير” على بقية العالم. وربطت هاسكل الوضع بـ “تسلل إيران إلى القارة” و”الاستيلاء العدائي من قبل منظمة جهادية متطرفة راديكالية” (في إشارة إلى الروابط بين الحوثيين وحركة الشباب).
وأكدت هاسكل أن عدم الاستقرار في الصومال قد تكون له “تداعيات عالمية”، إذ سيؤثر على إمدادات الطاقة وسلاسل التوريد، مصايد الأسماك التي تعد محركا اقتصاديا رئيسيا في الصومال، تكاليف الشحن التي ارتفعت بنسب تتراوح بين 30% و50% بسبب هجمات الحوثيين.
اعترافات الحوثيين إمدادات حركة الشباب الصومالية بالأسلحة برعاية إيرانية
محادثات أمنية وتداعيات جيوسياسية
لم تكشف هاسكل عن تفاصيل محددة للمحادثات، لكنها أشارت إلى أن الحوار يتمحور حول المخاوف الأمنية المشتركة، لا سيما التصدي لجهود الحوثيين لتوسيع نفوذهم في الصومال عبر روابطهم مع حركة الشباب.
وذكرت تقارير سابقة للأمم المتحدة أن هناك “علاقة متنامية” بين الحوثيين وحركة الشباب عبر مضيق باب المندب.
ويرى محللون أن هذا التطور، في حال تحقيقه، قد يعزز الدوريات البحرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية في المنطقة، بما يتماشى مع استراتيجية “اتفاقيات إبراهيم 2.0″، لكنه ينطوي على مخاطر ردود فعل سلبية من حلفاء الصومال العرب والفصائل الإسلامية المحلية.
الإمارات تتوسط لصالح إسرائيل لإنشاء قاعدة عسكرية في أرض الصومال
ومن المتوقع أن يشكل أي تقارب بين الصومال وإسرائيل خطوة كبيرة نحو ما يمكن تسميته باتفاقيات إبراهيم 2.0، حيث يمكن أن تشمل التعاون الأمني والاستخباراتي ومراقبة الطرق البحرية وتعزيز البنية التحتية البحرية والطاقة، فضلا عن دعم صومالي لجهود كبح النفوذ الإيراني في المنطقة.
ومع ذلك، فإن المخاطر ما تزال قائمة، خاصة احتمال ردود فعل داخلية معارضة في الصومال، وموقف الدول العربية والإسلامية، إضافة إلى التحديات الأمنية التي تفرضها حركة الشباب وحلفاؤها في المنطقة.
الصومال وإسرائيل: لقاءات سرية وتجاذبات تجارية منذ 2016
كشفت تقارير إعلامية عن سلسلة من اللقاءات السرية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بدأت منذ يوليو 2016، وسط ضبابية بشأن مكان اللقاءات بين نيروبي وتل أبيب.
خطة إماراتية لتهجير سكان غزة إلى أرض الصومال
الصحافة الإسرائيلية، أبرزها صحيفة تايم أوف إسرائيل، أشارت إلى انعقاد بعض الاجتماعات في تل أبيب، بينما لم ينف الصومال هذه الأخبار. وعقب إعادة انتخاب فرماجو في مايو 2022، عادت الصحف الإسرائيلية لتأكيد اللقاء في تل أبيب.
وفي 28 نوفمبر 2017، التقى نتنياهو فرماجو على هامش لقاء مع الرئيس الكيني أوهورو كينياتا في نيروبي، وتكرر اللقاء مرة أخرى في فبراير 2020 في القدس المحتلة لمناقشة إمكانية إقامة علاقات رسمية، غير أن هذه الجهود لم تحظ بدعم الرئيس الأمريكيدونالد ترامب، الذي رفض إدراج الصومال ضمن اتفاقيات إبراهيم.
توسع اتفاقيات إبراهيم.. ترامب: التطبيع بين السعودية وإسرائيل قريبا
وفي 2023، عاودت إسرائيل جهود التقارب مع الصومال عبر إيدي كوهين ومقربين من الرئيس فرماجو، سعيا لوضع أسس لإقامة علاقات رسمية، دون نتائج واضحة حتى الآن.
وعلى الرغم من غياب الاعتراف الرسمي، شهدت العلاقات التجارية بين الطرفين تطورا ملحوظا، إذ بلغت صادرات الصومال إلى إسرائيل نحو 13 ألف دولار في 2022، مقابل واردات إسرائيلية بقيمة 7.13 مليون دولار، مسجلة زيادة سنوية تصل إلى 130% مقارنة بعام 2014.
ويبدو أن الصومال حرص على سرية هذه العلاقات، حيث أظهرت تجارب اختبار الرأي العام رفضا واسعا لأي تطبيع رسمي، ما دفع الرئيس فرماجو إلى توجيه وزارة الخارجية لمعاقبة السفيرة الصومالية في سويسرا بعد امتناعها عن التصويت على قرار لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عام 2019 ينتقد إسرائيل بسبب مرتفعات الجولان، لتهدئة الغضب الداخلي والخارجي.
لم يصدر أي رد رسمي من وزارة الخارجية الصومالية حتى الآن حول هذه التصريحات
يبقى التساؤل قائما حول ما إذا كانت مقديشو ستقدم على خطوة التطبيع بشكل رسمي أم أن هذه المحادثات ستظل سرية لتجنب أي ارتدادات داخلية وإقليمية، في وقت يشهد فيه البحر الأحمر منافسة حادة بين قوى إقليمية ودولية للسيطرة على أحد أهم الممرات البحرية في العالم.










