لندن –13 ديسمبر 2025
أثارت استراتيجية الأمن القومي الأمريكية الجديدة التي أعلنتها إدارة الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي، موجة انتقادات في الصحف الأوروبية والأمريكية، حيث اعتبرتها وسائل الإعلام تهديدًا مباشرًا لأوروبا وللاتحاد الأوروبي، خاصة فيما يتعلق بالهجرة ومستقبل القارة.
في مقال رأي نشرته صحيفة الغارديان، شدد الكاتب جورج مونبيو على أن أوروبا لن تستمر من دون الهجرة، مؤكداً أن انخفاض معدلات الخصوبة في دول الاتحاد الأوروبي يشكل تهديدًا حقيقيًا لاستمرار المجتمعات الأوروبية. وأوضح أن ترامب وصّف الحضارة الأوروبية بأنها مهددة من المهاجرين، وهو تصور يعكس نظرة عنصرية للحضارة كملكية للعرق الأبيض، بينما الحقيقة التاريخية أن الحضارة الأوروبية تشكّلت من التفاعل المستمر مع ثقافات أخرى. وقال مونبيو: “بدون الهجرة، لن تبقى أوروبا خلال أجيال قليلة، وسيبدو هوسنا الحالي بالعرق غير مفهوم للأجيال القادمة”.

وفي سياق متصل، تناولت صحيفة نيويورك تايمز فكرة أن ترامب يسعى إلى حرب حضارية جديدة، تركز على مواجهة الهجرة غير المنضبطة إلى أوروبا وأمريكا، بدل التركيز على التهديدات الجيوسياسية التقليدية مثل روسيا والصين. واعتبر الكاتب أن الاستراتيجية الأمريكية الحالية تضع الثقافة الغربية التقليدية والأسر المسيحية اليهودية في محور الأمن القومي، مع تحديد من هو الحليف ومن ليس كذلك، مشيرًا إلى أن ترامب يسعى لإعادة تشكيل أوروبا وفق مصالحه الخاصة.

أما صحيفة لو موند الفرنسية، فقد وصفت استراتيجية ترامب بأنها محاولة واضحة لتفكيك الاتحاد الأوروبي وتقويض استقلاليته الاستراتيجية. وأوضحت الصحيفة أن الوثيقة تكشف عن رغبة الإدارة الأمريكية في فرض الهيمنة الاقتصادية والسياسية على القارة، مستغلة انقسامات القادة الأوروبيين، مع تهديد وحدة السوق الموحدة والقدرة على التشريع الديمقراطي، محذرة من أن هذا النهج يضع أوروبا في مواجهة صعبة للحفاظ على استقرارها ووحدتها.
ويشير محللون إلى أن هذه السياسات الأمريكية تأتي في وقت تواجه فيه أوروبا تحديات ديموغرافية حقيقية، مثل انخفاض معدلات المواليد وشيخوخة السكان، ما يجعل الهجرة والتكامل الثقافي ضرورة استراتيجية للحفاظ على قوة المجتمعات واستمراريتها. كما حذرت الصحف من أن تجاهل الهجرة أو اعتبارها تهديدًا ثقافيًا قد يؤدي إلى انكماش اقتصادي، نقص في القوى العاملة، وتصاعد الانقسامات الاجتماعية والسياسية.
ويؤكد الخبراء أن التصورات الأمريكية التي تركز على التمييز العرقي والديني قد تؤثر سلبًا على العلاقات التقليدية بين أوروبا والولايات المتحدة، بما يزيد من الضغوط على القارة في مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية المقبلة، ويضع مستقبل الاتحاد الأوروبي على المحك.










