بعد سنوات من الغياب الجسدي والحضور السياسي من خلف الكواليس، يستعد طارق رحمن، نجل زعيمة الحزب القومي البنغلاديشي ورئيسة الوزراء السابقة خالدة ضياء، للعودة إلى بلاده، في خطوة قد تعيد رسم المشهد السياسي في بنغلاديش خلال المرحلة المقبلة.
وأعلن الحزب القومي البنغلاديشي، يوم الجمعة، أن طارق رحمن سيعود إلى بنغلاديش في وقت لاحق من هذا الشهر، منهيا ما وصفه بـ«المنفى الاختياري» الذي أمضاه في بريطانيا لمدة 17 عاما. وتأتي هذه الخطوة في ظل استعدادات البلاد لإجراء الانتخابات العامة المقررة في 12 فبراير/شباط المقبل.
ويعيش رحمن، البالغ من العمر 60 عاما، في لندن منذ عام 2008، بعد أن غادر البلاد على خلفية ما قال إنها ملاحقات واضطهاد سياسي خلال فترة حكم رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة. ويعد اليوم الوريث السياسي الأبرز للحزب القومي البنغلاديشي، الذي تقوده والدته خالدة ضياء (80 عاما)، في ظل تدهور حالتها الصحية.
وأكد طارق رحمن، الذي ينظر إليه كأحد أبرز المرشحين المحتملين لتولي منصب رئيس الوزراء، عزمه خوض الانتخابات المقبلة، ما يفتح الباب أمام عودته الرسمية إلى العمل السياسي من داخل البلاد.
مسيرة سياسية مبكرة ونفوذ واسع
برز اسم طارق رحمن بقوة مطلع الألفية، لا سيما خلال فترة حكم والدته بين عامي 2001 و2006، حين شغل منصب السكرتير العام المشترك للحزب القومي البنغلاديشي. وخلال تلك المرحلة، تعاظم نفوذه داخل مؤسسات الحزب، حتى بات ينظر إليه باعتباره «الرجل الثاني» في السلطة وصاحب القرار غير المعلن في العديد من الملفات السياسية والأمنية.
واستند نفوذه إلى شبكة علاقات تنظيمية واسعة، ودوره في إعادة هيكلة الحزب، خصوصا على مستوى الأقاليم، ما وفر له قاعدة دعم قوية داخل الحزب، رغم الانتقادات المتعلقة بتداخل النفوذ العائلي مع العمل السياسي.
قضايا قضائية وجدلية مستمرة
غير أن المسيرة السياسية لطارق رحمن لم تخل من الجدل؛ إذ واجه سلسلة من القضايا القانونية، من بينها اتهامات بالفساد واستغلال النفوذ، إضافة إلى إدانته في قضية هجوم بالقنابل عام 2004 استهدف تجمعا لحزب رابطة عوامي الحاكم حاليا. وقد أدت هذه القضايا إلى صدور أحكام بحقه، كانت سببا مباشرا في مغادرته البلاد.
وفيما تصر الحكومة البنغلاديشية على أن هذه القضايا أحكام قضائية مستقلة، يؤكد الحزب القومي البنغلاديشي أنها ملاحقات ذات دوافع سياسية.
زعيم من المنفى
ورغم غيابه الطويل عن بنغلاديش، واصل طارق رحمن لعب دور محوري في قيادة الحزب من الخارج، حيث ينظر إليه بوصفه الزعيم الفعلي للحزب، خاصة مع تراجع الدور السياسي لوالدته. ومن لندن، أشرف على رسم الاستراتيجيات السياسية، ووجه خطاب المعارضة ضد حكومة الشيخة حسينة، محافظا على تواصل دائم مع قيادات الحزب.
عودة قد تغير المعادلة
ينقسم الشارع البنغلاديشي بشأن عودة طارق رحمن؛ فبينما يراه أنصاره وريثا سياسيا طبيعيا لعائلة لعبت دورا رئيسيا في تاريخ البلاد الحديث، يعتبره منتقدوه رمزا لمرحلة ارتبطت بالفساد والمحسوبية.
وبين هذين الموقفين، تبقى عودة طارق رحمن المرتقبة حدثا سياسيا بارزا قد يعيد خلط الأوراق في بنغلاديش، سواء عبر مشاركته المباشرة في الانتخابات المقبلة أو بانتقاله من دور «زعيم الظل» إلى لاعب أساسي في واجهة السلطة.










