أثار اهتمام أندية كبرى مثل برشلونة الإسباني وشتوتجارت الألماني بضم ثنائي النادي الأهلي الشاب، حمزة عبد الكريم وبلال عطية، تساؤلات حول سر هذا التوقيت المبكر للتعاقد مع مواهب في مقتبل العمر. الإجابة لا تكمن فقط في الموهبة الفنية، بل في “اقتصاديات الأكاديميات” التي تحولت إلى الصناعة الأكثر ربحية في عالم كرة القدم الحديثة.
اقتصاد المليارات.. لماذا الأندية الكبرى “تستثمر” في الصغار؟
تتصدر الأندية الإسبانية المشهد العالمي في جني الأرباح من قطاعات الناشئين، حيث وصلت مكاسبها السنوية من الأكاديميات إلى 1.460 مليار يورو، متفوقة على الدوري الإنجليزي 1.070 مليار يورو، والدوري الألماني 960 مليون يورو، الدوري الإيطالي 890 مليون يورو، والدوري الفرنسي 760 مليون يورو.
هذه الأرقام تعكس أن شراء لاعب شاب بمبلغ زهيد وتطويره، يدر أرباحا لا يمكن تحقيقها في أي نشاط تجاري آخر.
الحياة داخل الأكاديمية.. “صناعة الإنسان” قبل اللاعب
في أوروبا، لا يذهب الناشئ للتدريب لمدة ساعتين ثم يعود لمنزله، بل هي حياة كاملة. الاهتمام يشمل التعليم والتثقيف لضمان نضج اللاعب ذهنيا.
والقوة الجسدية ونظام التغذية حيث تحويل الموهبة الفطرية إلى “ماكينة” احترافية.
كما يشارك اللاعب في دوريات الفئات السنية لدرجة تجعله يصل للفريق الأول وفي جعبته ما بين 300 إلى 500 مباراة، مما يمنحه خبرة تضاهي لاعبين في الثلاثين من عمرهم في دوريات أخرى.
“لاماسيا” بريكولاج.. طوق النجاة من الإفلاس
يعد نموذج برشلونة هو الأبرز حاليا؛ فمع تراكم الديون الخانقة، لم ينقذ النادي سوى “لاماسيا”.
وبزوغ فجر أسماء مثل بيدري، جافي، فيرمين لوبيز، ولامين يامال منح النادي قوة فنية هائلة مجانية.
وإذا قرر برشلونة بيع لامين يامال الآن، سيتجاوز الرقم 250 مليون دولار. في المقابل، تكلفة تربيته وتعليمه وتدريبه منذ الصغر لا تمثل جزءا ضئيلا من هذا المبلغ. هذا هو الاستثمار الحقيقي.
نماذج ملهمة: من بنفيكا إلى برايتون
بنفيكا البرتغالي: ملك الصفقات الكبرى (نونيز، إنزو فرنانديز) بصفقات تتجاوز الـ 100 مليون يورو.
برايتون الإنجليزي: اكتشاف مواهب مثل كايسيدو وماك أليستر وبيعها بأرقام فلكية.
دورتموند ولايبزيج: يعتمدان سياسة “التطوير ثم البيع” كركيزة أساسية لميزانية النادي.
الأهلي المصري.. فرصة لتحويل “الناشئين” إلى اقتصاد حقيقي
انتقال حمزة عبد الكريم وبلال عطية يجب ألا ينظر إليه كـ “بيع لاعب”، بل كبداية لتحول استراتيجي للنادي الأهلي
الشراكات الفنية: بدلا من التركيز على المقابل المادي الفوري فقط، يمكن للأهلي فرض شروط تتضمن برامج معايشة لمدربيه، وتطوير أكاديمياته على يد خبراء من برشلونة أو شتوتجارت.
بناء السمعة خروج لاعبين من الأهلي لبرشلونة يضع “قطاع الناشئين” بالنادي على الخريطة العالمية، مما يرفع سعر أي لاعب صاعد مستقبلا.
وداعا لـ “دكة البدلاء” بدلا من دفن المواهب على دكة بدلاء أندية الوسط في الدوري المصري، يصبح الهدف هو التسويق الخارجي.
شركة تسويق ضرورة تأسيس شركة احترافية لتسويق الناشئين بدلا من الاعتماد على “بيع استمارات الاختبارات” التي تهدر مستقبل المواهب.
الخلاصة: الاهتمام الأوروبي بحمزة وبلال هو اعتراف بأن الموهبة المصرية قادرة على المنافسة إذا وضعت في “النظام” الصحيح. على الأندية المصرية أن تدرك أن بيع الموهبة في سن الـ 17 هو استثمار في المستقبل، وليس تفريطا في القوة الحالية.










