نشرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية تقريرا هاجمت خلاله الدولة المصرية بسبب موقفها الرافض لتهجير سكان قطاع غزة، واستخدمت مع التقرير صورة قديمة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وهو يصافح الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، والذي توفي نتيجة انفجار طائرته الخاصة، وترددت أنباء أن إسرائيل وراء ذلك الحادث، وهو ما اعتبره نشطاء بمثابة ابتزاز وتهديد غير مقبول للقيادة السياسية.
وتحت عنوان “سلام ظاهري.. الخطر الذي يتربص بإسرائيل من مصر”، شنت القناة الـ14 الإسرائيلية هجوما زاعمة أن الجيش المصري قد ينقلب على إسرائيل في أيّ لحظة، مع وجود خطط لتحرير القدس.
وقال تقرير للقناة العبرية عبر موقعها الإلكتروني، إنه خلف المحادثات بين مصر وحماس بشأن إعادة إعمار غزة، يبرز سؤال مقلق: هل هذه مبادرة بريئة أم خطوة مدروسة لوضع الأساس لخطوة عسكرية مستقبلية؟ مضيفة أن إستراتيجية مصر “الماكرة” قد تصبح نقطة تحول حيث تخلع البلاد القفازات وتكسر السلام البارد مع إسرائيل.
وتساءلت القناة العبرية “هل نوايا المصريين بريئة كما تبدو، أم أنهم سيفعلون كل ما في وسعهم لمنع سكان غزة من دخول أراضيهم، واستغلال الفرصة وبناء البنية التحتية في الميدان التي ستخدمهم؟ لتلبية احتياجات الاستخبارات والعسكرية عندما يحين الوقت؟”.
وحذرت وسائل إعلام إسرائيلية من تعاظم قوة الجيش المصري خلال السنوات الأخيرة وخاصة سلاح الجو المصري مبدية تخوفها من حيازة مصر أعتى قوة جوية في القارة الإفريقية.
وقال تقرير موقع “Nziv” الإخباري الإسرائيلي إنه بالإضافة إلى كونها قوة عسكرية مركزية كبرى في بلاد النيل، إلا أن القوات الجوية القوية في مصر تعتبر الأقوى من ضمن جميع البلدان الأفريقية، فهي مجهزة بطائرات متقدمة ولوجستيات واسعة النطاق، كما أنها تعتبر عنصرا أساسيا في النفوذ الإقليمي والاستقرار الاقتصادي والأمن القومي لمصر.
وأضاف تقرير الموقع العبري أن القوة الجوية المصرية مجهزة تجهيزًا جيدًا، وتعد خط الدفاع الأول للبلاد ضد التهديدات الخارجية، وتحمي سلامة أراضيها وأمنها.
وقال الموقع الإسرائيلي إن توفر مجموعة متنوعة من الطائرات الحربية المتطورة التي بحوزة مصر تتيح لها الاستجابة السريعة للتهديدات التي تعاني منها القارة السمراء التي تتمثل في النزاعات الحدودية وحركات التطرف ونمو المنظمات الإرهابية العابرة للحدود الوطنية، وذلك من خلال توفير قدر أكبر من المراقبة والاستطلاع والقدرات القتالية.
علي الجانب الآخر ، هاجم نواب في البرلمان المصري وسياسيون الإعلام الإسرائيلي بسبب انتقاده لموقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين، واعتبروا أن التقارير التي تحمل رسائل تهديد مبطنة مرفوضة وغير مقبولة مطلقا، مع تصاعد الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتقدم النائب خالد أبونحول، عضو مجلس النواب بطلب إحاطة إلى المستشار حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، بشأن تصاعد حملات التضليل الإعلامي الممنهجة من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية ضد مصر.
وأشار النائب أبونحول في طلبه، إلى أن الفترة الأخيرة شهدت زيادة ملحوظة في نشر أخبار كاذبة ومعلومات مغلوطة تهدف إلى تشويه صورة مصر، مؤكدا ضرورة اتخاذ إجراءات فعّالة لمواجهة هذه الحملات التي تستهدف التأثير سلبًا على سمعة البلاد.
وذكر النائب واقعة موثقة حدثت في يناير 2025، حيث نشرت وسائل إعلام إسرائيلية صورًا قديمة للرئيس عبدالفتاح السيسي زاعمة أنها تُظهر لقاءات حديثة له مع شخصيات إيرانية، واعتبر أن هذه الادعاءات تأتي ضمن سلسلة من الأخبار المفبركة التي تستهدف تشويه صورة الدولة المصرية وإثارة الجدل حول سياساتها الخارجية.
من جهته، وصف مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد مرسي، حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء بأنه “حماقة جديدة” من ساكن البيت الأبيض.
وأكد مرسي على أهمية استثمار كل أوراق القوة المصرية، مشددا على ضرورة استخدام ما تمتلكه مصر من شدة وحنكة ومنطق وصبر لرسم خط أحمر أمام ترامب ومقترحه بتوطين الفلسطينيين في مصر والأردن.
وأشار إلى أن الرفض السياسي المصري، بالإضافة إلى الرفض الشعبي الجارف والمعلن من مختلف طوائف الشعب، بما في ذلك المثقفون والإعلاميون، يمثل ورقة مصرية قوية يجب استغلالها للتصدي لهذه الحماقة الجديدة.
وأوضح مرسي أن الرفض الرسمي والشعبي القاطع يمكن أن يقف حائلا أمام أي مقترحات أو مسميات تحاول تمرير فكرة التهجير بشكل مباشر أو غير مباشر، خاصة إذا تم تقديم هذه الخطط تحت عناوين اقتصادية أو استثمارية أو إنسانية مزيفة.
ورغم اعترافه بامتلاك مصر العديد من الأوراق لإفشال هذا المخطط، أشار الدبلوماسي المصري إلى احتمالات تعرض القاهرة لضغوط كبيرة تشمل الجوانب الأمنية والاقتصادية والسياسية، كما حذر من حجم المصاعب التي قد يواجهها الشعب الفلسطيني في غزة نتيجة لهذه الضغوط.
وأكد مرسي على أهمية الاستعداد لمواجهة هذه التحديات، ومحاولة التخفيف من آثارها المتوقعة، وحذر من أن أي محاولة لتوطين الفلسطينيين في مصر، حتى وإن كانت بشكل مؤقت، قد تتحول إلى واقع دائم، مما يشكل خطرا بالغا على الأمن القومي المصري.
بدوره، انتقد الخبير في شؤون الصراع العربي الإسرائيلي، محمد سيف الدولة، اللهجة المخففة في بيانات الرفض الصادرة عن وزارتي الخارجية المصرية والأردنية.
وقال إن البيانات، رغم رفضها للتهجير، تجنبت الإشارة المباشرة إلى تصريحات ترامب، وتجنب توجيه خطاب شديد اللهجة له، وأشار إلى أن تصريحات ترامب تحمل تهديدا خطيرا للأمن القومي للدولتين، فضلا عن أنها تمثل تصفية للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني.
وأضاف أن مصر تمتلك العديد من الأوراق لإفشال هذا المخطط، من بينها إعادة النظر في الترتيبات الأمنية والعسكرية المفروضة على مصر في سيناء بموجب اتفاقيات “كامب ديفيد”.
ودعا إلى المطالبة باستبدال القوات الأجنبية والأميركية في سيناء بقوات تابعة للأمم المتحدة، كما طالب بوقف التسهيلات اللوجيستية المقدمة للقوات الأميركية في قناة السويس، والمطارات والمجال الجوي المصري، وأكد على ضرورة إعادة تقييم قبول المعونة العسكرية الأميركية، واستبدال مصادر التسليح المصري.
وشدد سيف الدولة على أهمية الامتناع عن أي تدريبات عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة، وعدم إرسال بعثات عسكرية للتدريب في أميركا.
كما دعا إلى انسحاب مصر من أي تحالفات إقليمية أو دولية أسستها الولايات المتحدة، مؤكدا في حديثه للجزيرة نت على ضرورة إعادة تشكيل السياسات والعلاقات المصرية الخارجية على أسس مناهضة للنفوذ الأميركي.
وشدد على أهمية وقف التعاون مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، والتعاون الأمني والمعلوماتي، داعيا إلى تقليص أنشطة المؤسسات المالية والاقتصادية الأميركية في مصر، مثل البنوك والشركات وغرفة التجارة الأميركية، وإعادة النظر في اتفاقية الكويز.
وأشار سيف الدولة إلى أهمية دعم حركات المقاطعة الشعبية للمنتجات الأميركية، والتركيز على الشركات الكبرى العاملة في مصر، خاصة في مجالات البترول والخدمات وتكنولوجيا المعلومات.
واختتم بقوله إن المؤسسات الرسمية في الدول العربية قد تكون عاجزة عن تحدي الولايات المتحدة بسبب ما تعانيه من ضعف وتبعية، لكن ورقة الضغط الحقيقية تتمثل في إطلاق سراح القوى الوطنية والشعبية المناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل.