تشهد الساحة السورية تطوراً خطيراً بعد إعلان عدد من عناصر “هيئة تحرير الشام” (الاسم السابق للهيئة التي تخضع الآن لسلطة أحمد الشرع) انشقاقهم عن السلطة المركزية، وانضمامهم إلى تنظيم داعش.
جاء ذلك بعد نشر التنظيم المتطرف لفيديو يُظهر أحد عناصر الجيش السوري الموالي للشرع وهو يعلن انشقاقه وانضمامه إلى داعش، في خطوة تعكس تصاعد حالة التململ داخل صفوف الأجهزة العسكرية التابعة للسلطة الجديدة.
تحديات داخلية وانشقاقات تهدد استقرار سوريا
تشير معلومات ميدانية إلى وجود تذمر متزايد في أوساط وزارة الدفاع السورية من سياسات أحمد الشرع، الرئيس السوري الذي تولى السلطة في يناير 2025.
ويتخوف مراقبون من احتمال توسّع هذه الانشقاقات، في ظل ما يبدو أنه انهيار جزئي في السيطرة داخل صفوف الجيش، خاصة مع تمركز عدد من العناصر ذات الخلفيات الجهادية داخل مؤسسات الدولة.
وتعزز هذه المخاوف العلاقة التاريخية المعقدة التي تربط أحمد الشرع بعدد من التنظيمات الإسلامية المسلحة، والتي يحاول الآن النأي بنفسه عنها لتقديم صورة أكثر اعتدالاً أمام المجتمع الدولي، في إطار مشروعه لـ”سوريا جديدة” أكثر انفتاحاً واستقراراً.
داعش يتوعد الشرع ويتحدى مشروعه السياسي
في إصدار مرئي حديث، وجّه تنظيم داعش تهديداً مباشراً إلى الرئيس أحمد الشرع، محذراً إياه من الانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب.
وبخلاف بعض الجماعات الجهادية التي اختارت الحل أو الاندماج مثل “حراس الدين”، فإن داعش يواصل التصعيد والمواجهة المباشرة مع النظام الجديد، ما يزيد من حجم التهديدات الأمنية.
وتشير التقديرات إلى وجود نحو 3,000 مقاتل تابعين لداعش في مناطق وسط سوريا والبادية الشرقية، حيث يستفيد التنظيم من التضاريس الصعبة والجغرافيا المفتوحة، ما يُسهّل عمليات التهريب والتمويه وإقامة معسكرات تدريب مسلحة وأيديولوجية متطرفة.
تحدي توحيد الفصائل المسلحة
أحمد الشرع يسعى إلى تشكيل “جيش وطني موحد” يضم مختلف الفصائل المسلحة، في محاولة لتوحيد البلاد وإنهاء الانقسامات. إلا أن هذا المشروع يواجه معارضة قوية من داخل الفصائل نفسها، كما يُثير شكوكاً عميقة لدى المراقبين.
الضابط السوري المنشق أحمد رحال صرّح قائلاً: “رغم التغييرات التي طرأت على هيئة تحرير الشام، إلا أن الدول لا تُقاد بعقلية الفصائل أو المشايخ أو التطرف. استمرار وجود رجال دين في مواقع القرار مثل وزارة الدفاع يطرح تساؤلات عن نية السلطة فعلاً في تأسيس دولة مؤسسات.”
يبدو أن إدارة أحمد الشرع تدخل مرحلة حرجة مع تصاعد التحديات الأمنية والسياسية، وسط انشقاقات داخلية، وتهديدات خارجية متصاعدة من تنظيم داعش، ومشروع غير مكتمل لبناء استقرار وطني.
ويبقى مستقبل سوريا رهيناً بمدى قدرة السلطة الجديدة على احتواء هذه التهديدات وبناء جيش ومؤسسات بعيدة عن الأيديولوجيا والمصالح الفصائلية.










