في لحظة نادرة من الاعتراف العلني، وصف الرئيس المعيّن لجهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك”، ديفيد زيني، هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 الذي نفذته حركة “حماس” بأنه كشف عن فشل “عميق وواسع النطاق” في المنظومة الأمنية والعسكرية والسياسية الإسرائيلية.
وداع عسكري… وبداية مرحلة استخباراتية
جاءت تصريحات زيني، الجمعة 6 يونيو 2025، خلال حفل وداع أقيم له في قاعدة عسكرية في هضبة الجولان السورية المحتلة، بمناسبة انتهاء خدمته في الجيش الإسرائيلي وتفرغه لتسلّم رئاسة “الشاباك” منتصف يونيو الجاري.
وقال زيني:
“فشل بهذا الحجم ليس فشلاً محددًا، بل عميق وواسع النطاق، ونحن جميعًا نشارك فيه”،
في إشارة مباشرة إلى الاختراق الكبير الذي نفذته “كتائب القسام” في 7 أكتوبر، والذي أدى إلى مقتل وإصابة مئات الإسرائيليين، وهزّ ثقة الجمهور الإسرائيلي بمؤسساته الأمنية.
وأضاف زيني: “سأغادر إلى مساحة جديدة وصعبة ومثيرة للاهتمام ولكنها غير واضحة”، في تلميح إلى تعقيدات المرحلة المقبلة التي تنتظره على رأس جهاز الشاباك، في ظل الأزمة السياسية العميقة والانقسامات الداخلية.
خلفية التعيين المثيرة للجدل
زيني سيخلف رونين بار، الرئيس الحالي للشاباك، الذي أعلن مغادرته منصبه رسميًا في 15 يونيو، بعد خلافات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي دفع باتجاه إقالته.
وكان تعيين زيني قد أثار جدلاً واسعًا، إذ اعتبرته المحكمة العليا الإسرائيلية “مخالفًا للقانون” في ظل حكومة انتقالية لا تملك صلاحية إجراء تعيينات بهذه الحساسية. القرار قوبل باحتجاجات شعبية وانتقادات حادة من المعارضة، التي اعتبرت أن التعيين يهدف إلى إحكام قبضة نتنياهو على الأجهزة الأمنية.
إخفاق أمني… يترافق مع إبادة مستمرة في غزة
تأتي هذه التصريحات والانتقالات داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، في وقت تواصل فيه إسرائيل حربها الواسعة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، والتي خلّفت أكثر من 180 ألف قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين.
ورغم أوامر محكمة العدل الدولية بوقف العمليات العسكرية، وتأكيد منظمات حقوقية على وقوع جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب، تواصل إسرائيل حملتها بدعم مطلق من الولايات المتحدة، وسط تجاهل تام للنداءات الدولية.
بين اعتراف أمني صريح بالإخفاق وجدل قانوني وسياسي حول تعيين القيادة الجديدة لجهاز “الشاباك”، تواجه إسرائيل واحدة من أكثر مراحلها الأمنية اضطرابًا. في المقابل، لا تزال آلة الحرب الإسرائيلية تمارس جرائم مروعة في غزة، وسط صمت رسمي من أعلى المستويات، وتساؤلات متزايدة حول مصير العدالة، داخليًا وخارجيًا.










