أثار موسم الحج هذا العام انتقادات واسعة بعد انتشار صور ومقاطع من مخيمات خمس نجوم في عرفات، مزوّدة بمكيّفات مركزية، ووسائد فندقية، وشاشات مسطّحة، وخدمات خاصة ضمن باقات الحج الفاخر VIP، التي تُقدَّم رسميًا ضمن ما يوصف بـ”تطوير الخدمات”، في إطار السياسات الحديثة التي تنتهجها المملكة بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان.
هذه الخدمات تثير موجة استياء بين المسلمين الذين يرون فيها تشويهًا لروح الحج، وتحويلًا لمناسكه إلى امتياز طبقي لا يتاح إلا للأثرياء و”الضيوف المهمين”، فيما يواجه حجاج الطبقات الفقيرة ظروفًا صعبة تصل حدّ الإهمال والإذلال.
ويقول منتقدون إن ما يحصل في جبل عرفات يعكس النهج التجاري الجديد في إدارة الحرمين، حيث يتم تسويق باقات حج خمس نجوم بأسعار خيالية، تتيح لحامليها إقامة في خيام فاخرة تحتوي على أرضيات فاخرة، أجهزة تكييف متطورة، قوائم طعام خاصة، وخدمة طبية مخصصة، بينما يُترك الآلاف من الحجاج محدودي الدخل في خيام عشوائية بلا تكييف، في حرٍّ قد يصل إلى 47 درجة.

ويضيف معلقون أن هذا التمييز بين الحجاج ينسف فلسفة الحج الإسلامية القائمة على المساواة بين الناس أمام الله، إذ يُصبح الحج اليوم تجربة من طبقتين: حج للفقراء فيه تعب ومشقة وخطر، وآخر لأصحاب المال والسلطة فيه رفاهية وخدمة شخصية. وأشار بعضهم إلى أن ما يحدث يتعارض مع المعنى الروحي للمكان، متسائلين: كيف يتحقق الخشوع في عرفات تحت ضوء النجف؟
ويحمّل منتقدو سياسة الحج الجديدة محمد بن سلمان مسؤولية هذا التحول، حيث يرى هؤلاء أن مشروع “رؤية السعودية 2030” لم يترك حتى الحج بعيدًا عن الخصخصة والتسليع، محوّلاً أحد أركان الإسلام إلى “سلعة فندقية”، بحسب تعبير ناشطين على مواقع التواصل.
في المقابل، تدافع السلطات السعودية عن هذه الخدمات بوصفها “خيارًا متاحًا لمن يرغب”، وأنها لا تنتقص من فرص الحج الأخرى. لكنها لم تنفِ أن التمييز الطبقي في باقات الحج أصبح واقعًا فعليًا يعكس فجوة اجتماعية صارخة في أقدس بقاع الأرض.










