أعلنت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب في سوريا عن قرار تأجيل العملية الانتخابية في محافظات السويداء والحسكة والرقة، وذلك نتيجة التحديات الأمنية الجسيمة التي تشهدها هذه المناطق. ويأتي هذا القرار في وقت تستعد فيه الحكومة الانتقالية لإجراء انتخابات تشريعية تهدف إلى إعادة تشكيل الحياة السياسية في البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد.
تفاصيل القرار الرسمي
قال الدكتور نوار نجمة، المتحدث الإعلامي باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، في تصريح خاص لموقع “تلفزيون سوريا”، إن قرار التأجيل جاء حرصاً على ضمان تمثيل عادل لهذه المحافظات في مجلس الشعب. وأكد نجمة أن المقاعد المخصصة لهذه المحافظات ستبقى محفوظة إلى حين إجراء الانتخابات، مشيراً إلى أن اللجنة ستعيد النظر في إجراء الانتخابات بمجرد توافر الظروف المناسبة والبيئة الآمنة التي تضمن سير العملية الانتخابية بشكل سليم.
خلفية النظام الانتخابي الجديد
سبق أن أصدر الرئيس أحمد الشرع المرسوم رقم (143) لعام 2025، القاضي بالمصادقة على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب السوري. ويحدد هذا النظام عدد أعضاء مجلس الشعب بـ210 أعضاء، يُنتخب الثلثان منهم وفق أحكام المرسوم، بينما يتم توزيع المقاعد على المحافظات حسب التوزع السكاني لعام 2010.
كما شدد النظام الانتخابي المؤقت على “منع المحافظين والوزراء السابقين من الترشح لعضوية البرلمان الجديد”، و“يحظر ترشح دعاة التقسيم والانفصال والاستقواء بالخارج وداعمي النظام البائد”.
السويداء: أزمة أمنية وسياسية معقدة
تشهد محافظة السويداء أزمة أمنية وسياسية حادة منذ يوليو الماضي، حيث اندلعت أعمال عنف واسعة النطاق أسفرت عن مقتل أكثر من 1600 شخص ونزوح حوالي 192 ألف شخص داخلياً. وقد أدان مجلس الأمن الدولي بقوة أعمال العنف التي ارتكبت بحق المدنيين في السويداء وشملت عمليات قتل جماعي.
تظاهرات “تقرير المصير”
شهدت السويداء مؤخراً تظاهرات واسعة تحت شعار “حق تقرير المصير”، حيث خرج المئات من المتظاهرين مطالبين بالاستقلال عن دمشق. وأثارت هذه التظاهرات جدلاً واسعاً بعد رفع بعض المشاركين للعلم الإسرائيلي إلى جانب الأعلام الدرزية.
رد الرئيس الشرع على هذه التطورات بالقول إن الدولة ملتزمة بمحاسبة كل مرتكبي المخالفات في السويداء، مؤكداً أنه “لا توجد مخاطر حقيقية للتقسيم وهناك من يرغب فقط في تقسيم البلاد”. وأضاف أن “المجتمع السوري يرفض التقسيم”.
الانسحاب الحكومي من السويداء
في تطور لافت، انسحبت قوات الجيش السوري وقوى الأمن الداخلي من جميع المناطق التي دخلتها خلال الأيام الماضية في محافظة السويداء. وجاء هذا الانسحاب بناءً على اتفاق جرى بين الحكومة السورية ومشايخ عقل في الطائفة الدرزية.
الحسكة والرقة: تحدي “قوات سوريا الديمقراطية”
تواجه الحكومة السورية في محافظتي الحسكة والرقة تحدياً مختلفاً، حيث تسيطر “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على معظم أراضي هاتين المحافظتين. وتمنع “الإدارة الذاتية” الكردية إجراء أي انتخابات حكومية رئاسية أو محلية أو تشريعية في مناطق سيطرتها منذ العام 2013.
موقف “قسد” من الانتخابات
تحاول “قسد” في كل مرة منع الأهالي في مناطق سيطرتها من التوجه لمناطق السيطرة الحكومية للمشاركة بالانتخابات والإدلاء بأصواتهم. ورغم ذلك، شهدت محافظة الحسكة مشاركة واسعة في الترشح لانتخابات مجلس الشعب، حيث تقدم 400 مرشح من مختلف المكونات الاجتماعية والدينية والعرقية بطلبات ترشح.
التحركات العسكرية في الرقة
شهدت محافظة الرقة مؤخراً تحركات عسكرية مكثفة لقوات سوريا الديمقراطية، مع تصاعد التوتر الأمني في المدينة وريفها. ووصلت تعزيزات كبيرة من وحدات حماية الشعب وقوات الأمن الداخلي (الأسايش) إلى مقرات رئيسية داخل مركز مدينة الرقة.
التناقض في التصريحات الرسمية
يبدو أن هناك تناقضاً في التصريحات الرسمية حول مسألة تأجيل الانتخابات. ففي حين أعلنت بعض المصادر عن تأجيل الانتخابات في المحافظات الثلاث، نفت اللجنة العليا للانتخابات في وقت سابق أي تأجيل للعملية الانتخابية المقررة ما بين 15 و20 من سبتمبر المقبل.
وقال نوار نجمة في تصريح سابق لعنب بلدي: “لا يوجد تأجيل للانتخابات، وبمجرد صدور النظام الانتخابي المؤقت، ستبدأ الانتخابات”، مشيراً إلى أن مرسوم النظام الانتخابي سيصدر قريباً.










