كشفت مصادر غربية عن وجود توجه داخل الإدارة الأمريكية لتكليف الفريق الأول الركن الشهواني بقيادة القوات المسلحة العراقية، في خطوة تندرج ضمن الاستعدادات لتغييرات وشيكة في المشهد السياسي والأمني العراقي.
وبحسب ما نقلته تلك المصادر، فإن واشنطن ترى في الشهواني شخصية ذات خلفية عسكرية وأمنية متينة، وقادرة على لعب دور محوري في إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية العراقية، وقيادتها في مرحلة انتقالية يتوقع أن تشهد تحولات كبيرة.
السيرة الذاتية والعسكرية للفريق الشهواني
الفريق محمد عبد الله الشهواني هو أحد أبرز القادة العسكريين والأمنيين في تاريخ العراق الحديث، وقد تولى بعد عام 2003 رئاسة جهاز المخابرات الوطني العراقي، في وقت كانت فيه البلاد تعيد بناء منظومتها الأمنية من الصفر عقب سقوط النظام السابق.
ولد الشهواني عام 1938 في مدينة كركوك أو الموصل (وفق روايات متباينة)، وينتمي إلى عائلة تركمانية سنية. بدأ حياته كلاعب عشاري دولي، وحقق ذهبية العشاري في دورة جاكرتا عام 1963، قبل أن ينضم إلى دورة “رينجر” الأميركية عام 1967، والتي شكلت نقطة تحول في مسيرته القتالية.
تدرج الشهواني في الوحدات القتالية الخاصة، وتولى أمرة مدرسة القوات الخاصة منتصف السبعينيات، قبل أن ينتقل إلى الطيران العسكري، ويتخصص في طيران الجيش عام 1980.
وبرز اسمه خلال الحرب العراقية-الإيرانية عندما قاد عملية إنزال ناجحة لاستعادة جبل كردمند من القوات الإيرانية، وهي العملية التي أظهرت قدراته التخطيطية والتنفيذية العالية.
الصدام مع النظام السابق والمنفى
رغم نجاحاته العسكرية، أحيل الشهواني إلى التقاعد عام 1984، ليبدأ فصلا جديدا من المواجهة مع النظام السابق، خصوصا بعد مقتل صهر الرئيس العراقي آنذاك، الفريق أول عدنان خير الله، الذي كانت تجمعه علاقة وثيقة بالشهواني.
وفي عام 1990 غادر العراق إلى الأردن ثم لندن، قبل أن يستقر في عمان، حيث أسس تنظيما عسكريا سريا من ضباط سابقين، كشف أمره عام 1996، ما أدى إلى اعتقال 85 ضابطا، بينهم أبناؤه الثلاثة الذين أعدموا لاحقا.
نجا الشهواني من أكثر من 12 محاولة اغتيال، ما اضطر السلطات الأردنية لإبلاغه بعجزها عن ضمان أمنه، لينتقل بعدها إلى الولايات المتحدة، ويبدأ إعادة تنظيم صفوف من الضباط العراقيين في الخارج.
العودة إلى العراق ورئاسة جهاز المخابرات
في عام 2004، وبعد سقوط نظام صدام حسين، عاد الشهواني إلى العراق بدعم أمريكي، وتسلم رئاسة جهاز المخابرات الوطني، حيث قاد جهود إعادة بناء الجهاز من الصفر، ولعب دورا أساسيا في الحرب على الإرهاب خلال سنوات العنف الطائفي.
وبفضل خلفيته المتعددة في القوات الخاصة والطيران والاستخبارات، يعرف الشهواني بلقب “الفريق الطيار”، وقد ظل يحتفظ بحضور واحترام واسع في الأوساط العسكرية العراقية والدولية، رغم خروجه من المناصب الرسمية لاحقا.
إشارات إلى عودة وشيكة
ويأتي الحديث عن احتمالية تكليفه بقيادة القوات المسلحة العراقية في توقيت حساس، وسط حديث متزايد عن تغييرات مرتقبة في بنية الحكم ومؤسساته الأمنية، وتوجه أمريكي لإعادة التوازن في ملف الأمن الوطني من خلال شخصيات ذات خبرة ومصداقية.
ولم يصدر بعد أي تعليق رسمي من الحكومة العراقية أو من الشهواني نفسه بشأن هذه المعلومات، إلا أن تزايد الحديث في الدوائر الغربية عن هذا الاحتمال يعكس اهتماما بإعادة ترتيب أوراق المؤسسة العسكرية العراقية في ضوء التحديات السياسية والأمنية المتصاعدة.
السياق السياسي والتحولات المرتقبة
ويأتي هذا التوجه الأمريكي المحتمل في وقت يشهد فيه العراق حالة من الترقب السياسي وسط مؤشرات على تغييرات واسعة قد تطال هيكل السلطة ومؤسسات الدولة، لا سيما في ظل تصاعد الخلافات بين الكتل السياسية، وتزايد الضغوط الداخلية والخارجية لإجراء إصلاحات حقيقية في منظومة الحكم والأمن.
وتتزامن هذه التطورات مع تصاعد التحديات الأمنية على مستوى الداخل، من عودة نشاط خلايا تنظيم داعش في بعض المناطق، وتنامي النفوذ المسلح خارج إطار الدولة، إضافة إلى حالة التململ الشعبي من تراجع الخدمات وتدهور الاقتصاد وغياب الرؤية الوطنية الجامعة.
ويرى مراقبون أن الدفع بشخصية ذات خلفية وطنية ومهنية مثل الفريق محمد عبد الله الشهواني، قد يشكل محاولة لإعادة ضبط إيقاع المؤسسة العسكرية، وضمان ولائها للدولة بدلا من التجاذبات السياسية والطائفية التي أضعفت أداءها في السنوات الماضية.
كما ينظر إلى هذا التوجه – في حال تأكده – كجزء من إستراتيجية أمريكية أوسع تسعى لإعادة صياغة التوازنات داخل العراق بما يخدم الاستقرار الإقليمي، ويقلل من نفوذ بعض القوى المتهمة بالتبعية للخارج.










