كشف القيادي في تحالف صمود ونائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال، ياسر عرمان، عن عقد الحركة الإسلامية السودانية اجتماع سري في 24 أكتوبر 2025، قبل يومين فقط من سقوط مدينة الفاشر في يد قوات الدعم السريع، بهدف حث قيادة الجيش السوداني على إعلان التعبئة العامة.
وفي تدوينة نشرها على صفحته في فيسبوك يوم 29 أكتوبر 2025، قال عرمان إن الاجتماع، الذي عُقد تحت إشراف الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي، جاء في محاولة “لإحياء مشروع الإسلاميين عبر الحرب”، معتبرًا أن خطة التعبئة العامة لا تهدف إلى الدفاع عن البلاد أو الجيش، بل إلى “الخلاص من ثورة ديسمبر 2018” واستعادة النفوذ الذي فقدته الحركة بعد سقوط نظام البشير.
اجتماع سري وقرارات مصيرية
وأوضح عرمان، نقلاً عن “مصادر موثوقة”، أن الاجتماع ناقش تطورات الوضع في شمال كردفان والتقدم الميداني لقوات الدعم السريع نحو الفاشر، وتوصل إلى توصيات تدعو إلى:
إعلان التعبئة العامة باعتبارها الطريق الوحيد لدعم الجيش و”قطع الطريق أمام مشاريع داخلية وخارجية تستهدف الحركة”.
رفض أي وقف لإطلاق النار الإنساني باعتباره “إعادة لقوى العمالة” في إشارة إلى قوى الثورة والدعم السريع.
تحريك القواعد الإسلامية لمواجهة ما وصفوه بـ”المخططات المدعومة خارجيًا”.
وقال عرمان إن ما جرى يمثل “قراءة من كتاب قديم”، مشبهًا الخطوة بدعم الإسلاميين للجيش عقب انتفاضة أبريل 1985، متهمًا الحركة بـ”صب الزيت على النار” لإطالة أمد الحرب التي أشعلوها بانقلاب 25 أكتوبر 2021.
سياق سياسي وعسكري متوتر
جاءت تصريحات عرمان بعد سقوط مدينة الفاشر، آخر معقل رئيسي للجيش في دارفور، يوم 26 أكتوبر 2025، إثر حصار طويل دام أكثر من عام. وقد تسبب ذلك في نزوح ما يقارب 800 ألف مدني، وسط إدانات دولية لانتهاكات نسبت لقوات الدعم السريع.
وتزامنت هذه التطورات مع دعوات داخلية متزايدة للتعبئة العامة عقب خسائر الجيش في ولايتي كردفان ودارفور، في ظل تبادل الاتهامات بين الجيش والدعم السريع بتلقي دعم خارجي — من إيران للجيش والإمارات للدعم السريع.
الحركة الإسلامية في مرمى الاتهامات
الحركة الإسلامية، التي يقودها حاليًا علي كرتي وزير الخارجية الأسبق، لم تصدر ردًا رسميًا على اتهامات عرمان حتى لحظة كتابة هذا التقرير. غير أن قياداتها درجت في السابق على نفي مثل هذه المزاعم، معتبرة أنها “حملات تضليل من قوى الثورة”.
ويأتي اتهام عرمان في وقت تتزايد فيه الضغوط الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب، خصوصًا بعد إعلان الرباعية الدولية (السعودية، الإمارات، مصر، الولايات المتحدة) خارطة طريق تدعو إلى وقف إطلاق النار واستبعاد الإسلاميين من أي عملية سياسية مقبلة — وهو ما تعتبره الحركة تهديدًا مباشرًا لنفوذها.
تصعيد في الخطاب السياسي
تصريحات ياسر عرمان تمثل تصعيدًا جديدًا في الخطاب الثوري ضد الإسلاميين بعد سقوط الفاشر، إذ يرى مراقبون أن هدفها هو توحيد ما يُعرف بـ”الكتلة الحرجة” من قوى الثورة خلف مشروع مدني ديمقراطي، والضغط على المجتمع الدولي للتحرك العاجل لوقف الحرب التي تهدد حياة أكثر من 10 ملايين نازح داخل السودان.
وختم عرمان تدوينته قائلاً:”هذه الحرب ليست دفاعًا عن الوطن، بل معركة قديمة لتصفية الثورة. إيقافها ومعالجة جذورها هو الطريق الوحيد لإنقاذ السودان من خطر وجودي غير مسبوق.”










