في سياق التوترات الإقليمية المتصاعدة، يُنظر إلى إثيوبيا كأداة في حرب وكالة محتملة تقودها إسرائيل ضد مصر، خصوصاً مع الخلافات المتفاقمة حول سد النهضة الإثيوبي وطموحات أديس أبابا في التوسع البحري بالبحر الأحمر. وتشير التقارير الحديثة (نوفمبر–ديسمبر 2025) إلى أن دور إثيوبيا أصبح محورياً ضمن استراتيجية إسرائيلية لتطويق القاهرة وإضعاف نفوذها الإقليمي.
تصعيد إثيوبي رسمي
أصدرت وزارة الخارجية الإثيوبية بياناً لهجة تصعيدية تجاه مصر، متهمة المسؤولين المصريين بـ”العقلية الاستعمارية” ومحاولة “احتكار مياه النيل”. واعتبر البيان أن القاهرة تسعى لزعزعة الاستقرار في القرن الإفريقي عبر تحالفات مع “دول تابعة مطيعة وضعيفة”، في اتهامات مباشرة تشير إلى دور إثيوبيا كأداة إسرائيلية.
الجذور التاريخية للتحالف الإثيوبي الإسرائيلي
تمتد العلاقات بين إسرائيل وإثيوبيا إلى عهد الإمبراطور هيلا سيلاسي، واستمرت سرية خلال فترة الانقطاع الرسمي عام 1973، قبل استئنافها رسمياً في التسعينيات. وتصف تل أبيب أديس أبابا بأنها “دولة ذات أولوية” في القارة الإفريقية، وتستثمر في تعزيز التعاون العسكري والتقني، وصولاً إلى تحالف استراتيجي يشمل مجالات الأمن والطاقة والزراعة.
الدعم الإسرائيلي والإماراتي
تشير تقارير إلى دعم إسرائيل لإثيوبيا في بناء السدود، بما في ذلك سد النهضة، وتزويدها بتقنيات الدفاع الجوي والطائرات المسيرة. كما تلعب الإمارات دوراً في تمويل وتسليح إثيوبيا، خاصة في النزاع مع إريتريا حول ميناء عسّاب، بما يعزز النفوذ الإسرائيلي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
التعاون العسكري والأمني
يشمل التعاون الإسرائيلي–الإثيوبي تزويد القوات الإثيوبية بمركبات مدرعة وطائرات مسيرة متقدمة، بالإضافة إلى إنشاء نظام دفاع جوي حول سد النهضة. ويعمل حوالي 400 خبير إسرائيلي في إثيوبيا على مشاريع بحثية وعسكرية وتقنية. كما ساهمت إسرائيل في تطوير الزراعة الإثيوبية وتقوية مشاريع الطاقة المتجددة، بما يضمن توظيف الموارد الإثيوبية في أهداف استراتيجية تتجاوز التعاون الاقتصادي.
سد النهضة: أداة ضغط مائي
يمثل سد النهضة حجر الزاوية في الاستراتيجية الإسرائيلية لإضعاف مصر، التي تعتمد على مياه النيل بنسبة 90%. وقد أشرفت إسرائيل على بناء وتشغيل السد، بما في ذلك تزويد إثيوبيا بالأسلحة لحمايته، بينما استثمرت في مشاريع زراعية وطاقة بقيمة عشرات الملايين من الدولارات، ما يعزز من القدرة الإثيوبية على مواجهة أي ضغوط مصرية.
التمدد العسكري في البحر الأحمر
تسعى إثيوبيا، بدعم إسرائيلي، لتأسيس قاعدة عسكرية بحرية في أرض الصومال، ما يمنحها الوصول إلى سواحل استراتيجية ويتيح لإسرائيل مراقبة الملاحة في البحر الأحمر وتأثيرها على قناة السويس. ويعد هذا التوسع تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري، ويُعتبر جزءاً من خطة إسرائيلية لتطويق القاهرة جغرافياً.
الأهداف الاستراتيجية الإسرائيلية
تهدف إسرائيل إلى إضعاف مصر عبر السيطرة على الموارد المائية والتحكم في الممرات البحرية الحيوية، بالإضافة إلى تعزيز حضورها في إفريقيا من خلال التحالف مع إثيوبيا. وتشمل الاستراتيجية الاستثمار في التكنولوجيا الدفاعية والزراعية والطاقة المتجددة لتعميق النفوذ الإثيوبي.
التداعيات الإقليمية والموقف المصري
أدانت مصر والسودان الإجراءات الأحادية لإثيوبيا، محذرين من أن الصراع قد يمتد إلى الصومال بدعم إماراتي وإسرائيلي. وترى القاهرة في سد النهضة تهديداً وجودياً يتطلب إعادة تقييم الاستراتيجية الإقليمية وتحالفاتها لمواجهة محاولات التطويق الجيوسياسي.
تكشف التطورات الأخيرة عن تحول إثيوبيا إلى أداة استراتيجية في يد إسرائيل، تستخدم ملفات حيوية مثل سد النهضة والتمدد العسكري في البحر الأحمر لممارسة الضغط على مصر. وتستلزم هذه التحديات من القاهرة إعادة صياغة سياساتها الإقليمية ومراجعة تحالفاتها لضمان الأمن المائي والاستقرار الجيوسياسي.










