في خطوة “مفاجئة وانتقامية” على حد وصف صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، داهمت سلطات الضرائب الهندية مكتبين لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، وصادرت هواتف صحفييها، الثلاثاء، وذلك بعد أسابيع من عرضها فيلمًا وثائقيًا يتناول قصة صعود رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، وينتقد تعامله مع أعمال الشغب التي وقعت عام 2002.
ونقلت “واشنطن بوست” عن وسائل إعلام هندية قولها إن أكثر من 50 مسؤولًا هنديًا داهموا مكاتب “بي بي سي” في نيودلهي ومومباي. وقال صحفيان من “بي بي سي” في نيودلهي، تحدثا للصحيفة الأميركية من دون الكشف عن هويتهما لأنهما غير مخولين بالتحدث علنًا، إن “هواتف زملائهما تمت مصادرتها”.
وغردت منظمة هيومن رايتس ووتش عن الحادثة.
وقالت “بي بي سي” في تغريدة على موقع “تويتر” إنها “تتعاون بشكل كامل” مع سلطات الضرائب في مكاتبها في نيودلهي ومومباي. وأضافت: “نأمل بحل هذه الأزمة في أقرب وقت ممكن”.
وفي تغريدة نشرتها لاحقا، قالت “بي بي سي” إن سلطات ضريبة الدخل بقيت في مكاتب بي بي سي في نيودلهي ومومباي”.
وصرحت المتحدثة باسم دائرة ضريبة الدخل، سورابي أهلواليا، إنها لا يمكنها إعلان تفاصيل التحقيق الضريبي. وقالت إن “بي بي سي” منظمة دولية لديها تعاملات مالية دولية، لذلك يمكن أن يكون لها علاقة بقضايا التمويل الدولية مع الصين التي تحقق فيها الحكومة الهندية”.
ووفقا لـ”واشنطن بوست”، فإن المداهمات التي تعرضت لها هيئة الإذاعة البريطانية تعكس “التعامل الحكومي المعادي لوسائل الإعلام في الهند، كما أنها تعمق المخاوف بشأن تقييد حرية الصحافة وزيادة العنف في الهند”.
وتأتي المداهمات بعد أقل من شهر على اتخاذ حكومة مودي إجراءات استثنائية لفرض رقابة على فيلم “الهند: مسألة مودي”، الذي تم عرضه في ١٧ يناير. والوثائقي يسلط الضوء على تقرير لم يُنشر من قبل، حصلت عليه “بي بي سي” من وزارة الخارجية البريطانية، يشير إلى أن مودي فشل في وقف أعمال شغب دموية في ولاية غوجارات أثناء توليه منصب رئيس الوزراء عام ٢٠٢٢، بحسب الصحيفة.
وبعد عملية اقتحام مكتبي “بي بي سي”، أطلق العديد من المسؤولين من حزب بهاراتيا جاناتا (BJP) التابع لمودي العديد من الاتهامات ضد “بي بي سي”، مشيرين إلى أنها “ربما تتلقى تمويلًا غير شرعي من الصين، وقال آخرون: “هناك اشتباه في ارتكابها مخالفات ضريبية لكنهم لم يقدموا تفاصيل أو أدلة، كما اتهمها آخرون بأنها “فاسدة ولديها أجندة غير حيادية”.
ونقلت “واشنطن بوست” عن نادي الصحافة الهندي قوله إن مداهمة مكاتب “بي بي سي” هو جزء من سلسلة من الهجمات على وسائل الإعلام من قبل الحكومة في الآونة الأخيرة لترهيب ومضايقة المؤسسات الصحفية التي تنتقد سياساتها”.
وتعد “بي بي سي” أول مؤسسة صحفية دولية تتعرض للهجوم إذ داهمت السلطات الهندية في عام ٢٠٢١، الصحيفة المحلية “داينيك بهاسكار” بسبب انتقادها السلبي لتعامل الحكومة مع وباء كوفيد. كما تم التحقيق مع شبكة تلفزيون نيودلهي، المعروفة بتقاريرها المستقلة، بشأن مخالفات مالية مزعومة في عام 2017. وداهمت الهند مكتب الموقع الإخباري “نيوز كليك”، الذي يميل إلى اليسار، بعد نشره تقارير تنتقد الحكومة.
وبدأت أعمال الشغب التي تحدث عنها الوثائقي احتجاجا على إضرام النار في قطار يقل حجاجاً هندوس، ما أسفر عن مقتل عشرات. وقتل أكثر من ألف شخص معظمهم من المسلمين في أعمال العنف التي تلت الحريق، بحسب “بي بي سي”.
وأكد تقرير وزارة الخارجية البريطانية أن “مودي مسؤول بشكل مباشر عن أعمال العنف بسبب سماحه بإفلات المتورطين دون عقاب”.