يبدو أن مسلسل أزمات الأطباء في مصر لم تكتب نهايته بعد، حيث أظهر استطلاع للرأي أن نحو 80% من الأطباء لا يفضلون العمل في ظل مشروع التأمين الصحي الشامل الجديد، بسبب وجود عقبات مالية وإدارية، مما نكأ جراح تزايد هجرة الأطباء ومعاناة المستشفيات الحكومية من نقص الكفاءات الطبية
ووفق مصدر نقابي، فإن كافة الأزمات الطبية تنتظر انعقاد اجتماع مشترك مع وزارة الصحة قريبا للنظر فيها، فيما حذر وكيل أسبق لوزارة الصحة ومراقب حقوقي للملف الصحي -في حديث خاص- من عواقب التأخير في علاج مشاكل الأطباء، ومن بينها ما يواجهونه في منظومة التأمين الصحي الشامل.
ويعدّ مشروع التأمين الصحي الشامل نظاما تكافليا اجتماعيا حكوميا، تقدم من خلاله خدمات طبية لجميع المواطنين، ويعالج القانون رقم 2 لسنة 2018 تفاصيل إدارة المشروع الذي يطبق في محافظات مصر تباعا عبر 6 مراحل في الفترة من 2018 حتى 2032.
وتضم المرحلة الأولى من المشروع حاليا 6 محافظات، هي: بورسعيد، والأقصر، والإسماعيلية، وجنوب سيناء، والسويس، بالإضافة إلى أسوان.
وبحسب بيان من رئاسة الجمهورية، فإن المشروع يهدف إلى إصلاح نظم الرعاية الصحية بالكامل، لا قطاع التأمين الصحي فقط، بما يحقق التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع.
وبحسب الاستبيان الذي شمل أطباء من محافظات الأقصر جنوبا وبورسعيد والإسماعيلية شرقا، فإن منظومة التأمين الصحي الجديد تمتلئ بعقبات تعرقل أداء الأطباء مهامهم وتتعسف في حقوقهم.
الاستبيان الذي أجرته لجنة الإعلام في نقابة الأطباء، أوضح أن 80% منهم يفضلون عدم الاستمرار في هيئة الرعاية الصحية، فيما اشتكى 83% منهم من تقصير الرعاية الصحية والاجتماعية، و82% من سوء تعامل القيادات معهم.
قال مصدر نقابي إن “مشروع التأمين الصحي الشامل ليس سيئا سوءا محضا، وهو بالتأكيد أفضل من المستشفيات الحكومية الأخرى في المحافظات التي لم يطبق فيها المشروع، خاصة من حيث المردود المالي، حيث تتراوح أجور الأطباء في المشروع بين 11 و17 ألف جنيه (الدولار يعادل حوالي 30 جنيها)، بينما لا تزال 5 آلاف فقط في مستشفيات الحكومة العادية”. و
المصدر -الذي طلب عدم ذكر اسمه- أوضح أن مجلس نقابة الأطباء لم يتلقَّ بعد تقرير اللجنة الإعلامية بشأن المشكلة، ولكن طريقة العمل النقابية تعتمد على حلِّ أي أزمات على طاولة المفاوضات والحوار مع الوزارة.
وكشف أن مجلس النقابة في انتظار تحديد وزارة الصحة موعد انعقاد اللجنة النقابية الوزارية، طبقا لنتائج اللقاء الذي تم مع وزير الصحة خالد عبد الغفار قبل شهرين، لطرح كل شيء يهم الأطباء للوصول إلى نتائج وحلول وتلافي أي أخطاء.
ويرى المصدر النقابي أن مشروع التأمين الصحي إذا حظي بالاهتمام فسيكون له شأن في مصر، وبالتالي يجب الانتباه إلى أي ملاحظات تحدث ومن بينها نتائج الاستبيان الذي أجرته لجنة الإعلام.
وشدد الوزير عبد الغفار في تصريحات رسمية مؤخرا على مواصلة الجهد لإطلاق منظومة التأمين الصحي الشامل في المحافظات ذات الكثافة السكانية المرتفعة تباعا، موضحا أن تكاتف وتناغم كافة الجهات والهيئات المعنية كان له فضل كبير في نجاح منظومة التأمين الصحي الشامل، وهو ما أكده كذلك أحمد السبكي رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، إحدى الجهات المشرفة على المنظومة.
وبحسب السبكي، فقد شهدت المنظومة منذ إطلاقها قبل 5 سنوات تقديم 17 مليون خدمة طبية، و260 ألف عملية جراحية كبرى، فيما تم تسجيل 75% من المنشآت الطبية التابعة للهيئة من قبل هيئة الاعتماد والرقابة الصحية.
وتوقع السبكي “أن تصبح مصر قبلة العالم بسبب هذا المشروع، وأن تستعيد ريادتها في تقديم الخدمات الصحية بجهود أبنائها”، بحسب وصفه.
لكن وكيل وزارة الصحة المصرية الأسبق مصطفى جاويش، يرى أن هناك أزمة أطباء يجب الانتباه لها، بعيدا عن الإشادة الرسمية المتكررة بالمشروع.