نشرت صحيفة “هاآرتس” العبرية، تقريرا، تحدثت فيه عن كيفية إحباط “الموساد” لسنوات تدفق تحويلات مبالغ ضخمة إلى كل من حركة حماس وحزب الله.
وقالت الصحيفة، في تقريرها ، إن “سيارة من طراز جيب وصلت في أيار/ مايو 2010 تقل راكبين إلى معبر رفح الحدودي. وخضع الرجال، الذين جاءوا بسيارتهم من القاهرة عبر شبه جزيرة سيناء، لفحص أمني روتيني بعد وصولهم إلى الجانب المصري من المعبر، ودخلوا قطاع غزة بسيارتهم. وبعد أن قطعوا مسافة قصيرة، انفجر صاروخ أمامهم فجأة”.
وأضافت: “قفز الاثنان من السيارة في حالة من الذعر واحتميَا على جانب الطريق. وبعد ثوانٍ، سقط صاروخ آخر، وأصاب السيارة هذه المرة، اشتعلت فيها النيران وتطايرت عشرات الآلاف من الأوراق النقدية المحروقة في الهواء”.
وتابعت الصحيفة: “أطلِقت الصواريخ من قبل طائرة مسيّرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة. في البداية، لم يتم استهداف السائق والراكب حيث كان الصاروخ الأول تحذيرًا، من أجل تمكينهم من الفرار. وكان الهدف الحقيقي 20 مليون دولار موجودة في السيارة تم تحويلها من أحد البنوك ومن الصرافين في مصر، وكانت موجهة لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس”.
إلى ذلك، هرع مسؤولون رفيعو المستوى من “حماس” إلى الموقع، وبدأوا بسرعة بجمع وتعبئة الأوراق النقدية السوداء. وبعد بضعة أيام، عاد رجال “حماس” إلى القاهرة، حيث دخلوا أحد فروع بنك مصر، وهو أكبر بنك في مصر، بهدف استبدال الأوراق النقدية التالفة بأخرى جديدة. لكن الموظفين رفضوا ذلك. في تلك المرحلة، تنفس العاملون في مكاتب وحدة هاربون، في الطابق الثالث من مقر الموساد في جليلوت، خارج تل أبيب، الصعداء، ومن بينهم ليفي، رئيس الوحدة المنحلة في الوقت الراهن”.
وأضاف: “كان تدمير أموال ’حماس’ في تلك الحادثة عملاً مشتركًا ناجحًا بين مديرية العمليات في جيش الدفاع الإسرائيلي، التي كان يرأسها في ذلك الوقت اللواء تال روسو، ووحدة هاربون السرية التي أنشئت منذ حوالي عقد من الزمن، من أجل مراقبة وإحباط تحويل الأموال إلى الجماعات الإرهابية وإيران. وكان داغان هو من عيّن ليفي، الذي كان آنذاك مقدما في الجيش الإسرائيلي وقائدا للوحدة”.
وأردف: “خلال 15 عامًا من النشاط، نفّذت وحدة هاربون عددًا كبيرًا من العمليات. تم إرسال عملاء الموساد لمراقبة واختراق مكاتب الصرّافين والبنوك في أوروبا وأمريكا الجنوبية والشرق الأوسط، حيث يشتبه في أنهم ونظام طهران لديهم حسابات”.
ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، فإن الصرافين في تركيا كانوا يخضعون لمراقبة خاصة. فيما قال عميل من وحدة العمليات السرية للغاية في الموساد، والمعروف باسم “كيدون” (بايونت)، والذي تمت ترقيته فيما بعد لرئاسَة قسم في منظمة التجسس، في مقابلة شخصية معه: “لقد راقبنا الصرافين في عدد من البلدان في أوروبا”. وأضاف عميل آخر في الموساد: “لقد راقبنا البنوك في أوروبا التي يشتبه في أنها تغض الطرف عن حسابات العناصر”.
وتعاونت دولة الاحتلال الإسرائيلي مع منظمات تجسّس محليّة في هذه العمليات. حذّر عملاء الموساد وهاربون نظراءهم من الحسابات المشبوهة ونقلوا المعلومات إلى البنوك والمالية والمسؤولين الحكوميين الآخرين في تلك البلدان. وفي إحدى الحالات، أدّى ذلك إلى إحباط مخطط إيراني لنقل أسلحة خارج دولة أوروبية.
وفي عملية أخرى، نُفذت مع اقترب نهاية حرب لبنان عام 2006، قصف سلاح الجو حاويتين مخبأتين في حي الضاحية الشيعي في بيروت، تحتويان على عشرات الملايين من الدولارات.
أوردت الصحيفة، أن “ليفي كان قائدًا لوحدة هاربون طوال فترة وجودها وتقاعد في عام 2016 وفككت في عام 2017؛ وفي نهاية فترة ولايته، شهد تغيرًا في النهج بين المستويات العليا في حكومة الاحتلال الإسرائيلية تجاه الجهود الرامية إلى إحباط تحويل الأموال إلى المنظمات في فلسطين”.
وفي هذا السياق، قال ليفي: “بدأت أرى أن موضوع تمويل “الإرهاب” أصبح أقل أهمية بالنسبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، منذ إعادة انتخابه في سنة 2015، رفض السماح بالعمليات ذات الأهمية الاستراتيجية التي اقتَرحناها، وأعرب عن مخاوفه بشأن آثارها. وأكد أن العمليات المعنية استهدفت ’حماس’ بشكل أساسي”.
وذكرت الصحيفة أن هذه المسألة تشكل أهمية خاصة في الوقت الحاضر، في أعقاب عملية ’حماس’ في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. تجاهل نتنياهو لسنوات عديدة تدفق المليارات من الدولارات من قطر إلى المنظمة الإسلامية، بل وشجع هذا التمويل. وكان هذا جزءًا من جهوده لتأجيل حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ولكن الأموال استخدمت لتعزيز قدرات ’حماس’ العسكرية، الأمر الذي فاجأ دولة الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
وأوضحت الصحيفة أن نتنياهو بدأ تشكيل أجندته السياسية في نهاية عام 2014. وقد دعمها مدير مجلس الأمن القومي آنذاك ورئيس الموساد لاحقًا، يوسي كوهين، كما فعل مئير بن شبات، الذي خلّف كوهين في منصب رئيس مجلس الأمن القومي. ومن بين القلائل الذين شككوا في هذه السياسة كان أفيغدور ليبرمان، وزير الحرب في ذلك الوقت؛ وتمير باردو، الذي ترأس الموساد من 2011 إلى 2016؛ وليفي نفسه. لكن نتنياهو لم يكترث لتحذيراتهم. وبحسب ليفي، رفض رئيس الوزراء لسنوات توصيات المؤسسة الأمنية بشن حرب اقتصادية جدية ضد ’حماس’.