أصدر مركز صوفان، المتخصص في دراسات التطرف والإرهاب، تقريراً يلقي الضوء على الأزمة الحالية المتعلقة بإدارة مصرف ليبيا المركزي ويستعرض التحديات الكبيرة التي تواجه العملية الدبلوماسية في ليبيا. ويبرز التقرير كيف أن الأزمة تعكس الصعوبات التي تقف عقبة أمام جهود الحل الدبلوماسي في البلاد.
الاضطرابات وتأثيرها على أسعار الطاقة: يرى تقرير مركز صوفان أن الاضطرابات السياسية في ليبيا كانت ستؤثر بشكل أكبر على أسعار الطاقة العالمية لو كانت هناك قيود أكبر على العرض. كما يشير التقرير إلى تكهنات بأن روسيا قد تكون قد شجعت حليفها المشير خليفة حفتر على اتخاذ إجراءات لرفع أسعار الطاقة كوسيلة لإلحاق الضرر بالغرب رداً على دعمه لأوكرانيا. ومع ذلك، يبرز التقرير أن تصعيد التوترات في ليبيا، سواء كان مدفوعاً من روسيا أو لا، قد أظهر قدرة الجهات الفاعلة غير الحكومية في النزاعات على اتخاذ إجراءات تؤثر بشكل كبير يتجاوز حدود النزاع المحلي.
فشل الدبلوماسية الإقليمية والدولية: يستعرض التقرير فشل الدبلوماسية الإقليمية والدولية في توحيد البلاد التي ظلت منقسمة بين حكومتين في الشرق والغرب على مدار السنوات الخمس الماضية. هذا الفشل أدى إلى تعزيز القبضة السياسية لكلا الجانبين على المناطق والمؤسسات الحكومية. ويشير التقرير إلى أن عدم القدرة على بناء هيكل سياسي وأمني موحد قد شجع القوى الإقليمية والدولية على توثيق علاقاتها مع الفصائل المتنافسة في ليبيا، مما أدى إلى دفع أجندتها الخاصة بدلاً من خدمة مصالح الشعب الليبي.
تأثير الأسلحة المتطورة: التقرير يلفت إلى أن توفير الأسلحة المتطورة للفصائل المتحاربة، بما في ذلك الطائرات المسيَّرة المسلحة، قد أسهم في تأجيج النزاع بين الفصائل. وقد يزيد ذلك من إمكانية تدخل التشكيلات المسلحة الليبية خارج البلاد، أو تهديد التجارة الإقليمية.
تشاؤم الأمم المتحدة: يشير التقرير إلى تزايد التشاؤم بين وسطاء الأمم المتحدة بشأن احتمالات التوصل إلى حل في ليبيا. على مدار سنوات، سعى الوسطاء لتوحيد الحكومتين المتنافستين عبر خارطة طريق موحدة وإجراء انتخابات وطنية، لكن الجهود لم تثمر. القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية، ستيفاني خوري، أكدت أمام مجلس الأمن أن غياب محادثات سياسية متجددة يؤدي إلى عدم استقرار مالي وأمني أكبر، وانقسامات سياسية وإقليمية راسخة، وعدم استقرار محلي وإقليمي أكبر.
الصراع الإقليمي والمحلي: فيما يتعلق بالصراع الإقليمي والمحلي، يشير التقرير إلى أن ليبيا أصبحت ساحة منافسة بالوكالة بين الجهات الفاعلة الإقليمية التي تسعى لدفع أجنداتها المتباينة. تدعم مصر والإمارات المشير حفتر جزئيًا بسبب معارضته لتشكيلات مسلحة مرتبطة بحركة الإخوان المسلمين في طرابلس، بينما تدعم تركيا الحكومة في طرابلس وتحاول الحد من نفوذ حفتر. من ناحية أخرى، ترى روسيا في سيطرة حفتر على حقول النفط أداة في المنافسة العالمية ضد الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.
الأزمة الأخيرة وإجراءاتها: شهد النزاع تصعيدًا جديدًا في 26 أغسطس الماضي عندما حاول وفد حكومي من طرابلس الاستيلاء على مكاتب مصرف ليبيا المركزي. نظراً لأهمية المصرف في السيطرة على 95% من عائدات الدولة، فإن السيطرة عليه تعني السيطرة شبه الكاملة على الاقتصاد. بعد إقالة المحافظ الصديق الكبير وتعيين مجلس إدارة جديد، ورفض الأخير التنحي، أوقفت الحكومة في الشرق برئاسة أسامة حماد الإنتاج النفطي، مما أدى إلى حشد التشكيلات المسلحة على الجانبين، دون اندلاع اشتباكات مسلحة حتى الآن.
يقدم التقرير رؤية متعمقة حول كيفية تأثير الأزمة السياسية في ليبيا على الاستقرار الإقليمي والدولي ويعكس التحديات الكبيرة التي تواجه الجهود الدبلوماسية لحل النزاع المستمر.