“نحن نغلق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية”، هذا ما قاله الملياردير ايلون ماسك، وزير الجودة الامريكي، على حسابه على منصة إكس التي يمتلكها، مواجها غضب الديمقراطيون الذين نظموا احتجاجاً خارج مقر الوكالة في واشنطن العاصمة، ولسان حالهم يقول “الحطابون في الجبال النائية و الفلاحون في الحقول و العجائز حول نار المدفاة كلهم يلعنون ايلون ماسك”.
وأعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيرو الأحد ضم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى إدارته، مؤكداً تعيينه مسؤولاً عنها، وقال إنه سيوقف “تمردها” على أجندة الرئيس دونالد ترامب.

كما تم تعليق الحساب الرسمي للوكالة على منصة إكس، كما أصبح موقعها الإلكتروني خارج الخدمة، ما زاد من التكهنات حول مستقبل الوكالة.
وكانت الوكالة ذراع الولايات المتحدة الناعم في جهات العالم المختلفة ولأكثر من 5 عقود من الزمن. ماسك ومرة أخرى بادر إلى إعلان أن الوكالة تجاوزت مرحلة إمكانية إصلاحها وأن العطب داخل دواليبها أكبر من إمكانية إصلاحه ثم أعلن لاحقا أن الوكالة لا يمكن لها الاستمرار في العمل.
ترامب من جانبه أعلن على موقعه للتواصل أنه ربما سيكون قرارا أفضل نقل الوكالة إلى وزارة الخارجية، فيما قال الوزير ماركو روبيو إن مراجعة شاملة تجري حاليا على برامج الوكالة وسيتم إلغاء البرامج غير المجدية منها.
في العاصمة وبقية البلاد بدأت أحاديث متنوعة ومختلفة عن هذه الوكالة ومدى أهميتها للولايات المتحدة وما أسباب هذا الصدام القائم بشأنها.
فعبر العقود الخمسة الأخيرة وتحديدا منذ عهد الرئيس كينيدي ظلت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الوجه الناعم للولايات المتحدة الذي يسافر في كل العالم.
وتمتد نشاطات هذه المنظمة الخيرية إلى أكثر من 130 دولة فهي داعمة لبرامج التعليم والإعمار واللاجئين وتوفير المساعدات الغذائية للمحتاجين والطبابة والتطعيم وبرامج التدريب والمنح الدراسية وتقديم العون لضحايا مناطق النزاعات في العالم ومساعدة النساء والأطفال وضحايا الحروب.
وعبر تاريخ طويل من المنجزات والمساعدات صنعته هذه الوكالة جعل من جميع الرؤساء الأمريكيين الذين عبروا البيت الأبيض في نصف القرن الماضي يعملون على تعزيز أدوارها.
يقول الرئيس الأسبق جورج بوش إنه “عندما يفكر في إرثه السياسي يشعر بالفخر إنه وعن طريق هذه الوكالة ساهم في إنقاذ حياة 20 مليون من الأفارقة بسبب حصولهم على علاجات فيروس نقص المناعة”.
ويشدد بوش على أن “ذلك ما كان ليحدث لولا ذلك الجهد الكبير الذي عملت عليه الوكالة ونجح في تنفيذه على الأرض”.
كذلك يقول الرئيس السابق باراك أوباما إن “قوة الولايات المتحدة في فرادة نموذجها وفي قيمها التي تعرف بها وليس في قوتها الاقتصادية والعسكرية.
ويرى الرئيس السابق جو بايدن أن على أمريكا أن تقود العالم من خلال قوة نموذجها وليس من خلال نموذج قوتها.
يعمل في هذه الوكالة المنتشرة عبر العالم 10 آلاف من الموظفين من الأمريكيين وغير الأمريكيين وداخل الولايات المتحدة وخارجها وجميع هؤلاء تلقوا إشعارا بالتوقف عن العمل بصورة فورية في أي مكان من العالم وجدوا فيه.
وقبل هذه اللحظة كان الرئيس ترامب قد وجه بتجميد عمل جميع الوكالات الحكومية الفيدرالية لمدة 90 يوما ومنها وكالة التنمية الدولية.
لكن ذلك التجميد كان ينظر إليه على أنه وقت مستقطع لمراجعة البرامج ولكن السيناريو الذي أعقب ذلك وحدث مطلع الأسبوع الحالي لم يكن مفترضا في تقدير مسؤولي وموظفي الوكالة.
يعتقد ترامب وفريقه المعاون أن الوكالة لا تؤدي عملها بالطريقة الصحيحة وأن ميزانيتها المقدرة بـ40 مليار دولار سنويا يجب أن توجه لبرامج الداخل، إضافة إلى اعتقاده أن الوكالة بما تقوم به هي لا تساعد على انتشار القيم الأمريكية بل في بعض الاحيان تعمل ضد تلك القيم.
فيما يقول وزير تطوير الحكومة إن “الوكالة لا تسير بالطريقة الصحيحة وحتى فكرة إصلاحها لم تعد ممكنة وإن الحل الأفضل لها سيكون الاغلاق وإنهاء أعمالها وتسريح موظفيها داخل البلاد وإيقاف برامجها خارج الولايات المتحدة”.

ماسك يقول هذا الرأي ويقول بغيره حول مؤسسات فيدرالية أخرى وهو ما عرضه لانتقادات واسعة في واشنطن خاصة بين الديمقراطيين حول نفود هذا الملياردير في الإدارة الجديدة وإن كان هو من يقرر مصير ومستقبل وطريقة عمل الحكومة الفيدرالية.
ولم يخف ماسك نيته حتى قبل انتخاب ترامب أنه يعتقد أنه سوف ينجح في تخفيض الإنفاق الحكومي السنوي بترليوني دولار من بين التريليونات الستة التي تنفقها الحكومة الأمريكية سنويا، وذلك من خلال تقليص عدد الموظفين وإلغاء وزارات ووكالات وعديد البرامج التي يمولها الكونغرس ويراها ماسك أنها لا تخدم الأمريكيين.
ماسك الذي يبدو حتى الآن على الأقل قد كسب مواجهتين في مهمته الجديدة الأولى عندما فرض على الموظفين الفيدراليين العودة للعمل من مكاتبهم والبالغ عددهم مليون موظف وذلك بعد المرسوم الرئاسي الذي وقعه ترامب والثاني عند هذه المواجهة التي خاضها مع مسؤولي وكالة التنمية.

الديمقراطيون يعارضون ويهددون لم يكن قرار بهذه الحجم في العاصمة واشنطن ليمر دون ردود فعل من الجناح الديمقراطي في الكونغرس.
النواب والشيوخ الديمقراطيون اجتمعوا أمام مقر الوكالة المركزي بالعاصمة واشنطن وأقاموا مؤتمرا صحفيا بحضور موظفي الوكالة فيما حاول نواب آخرون الدخول إلى المقر لإظهار تعاطفهم مع موظفيها وتم منعهم من ذلك.
المتحدثون من الديمقراطيين الأعضاء في المجلسين شددوا على أن قرار ترامب غير قانوني وغير دستوري لأن الوكالة تم إنشاؤها عام 1961 من قبل الكونغرس، وعلى ترامب إن كان يرغب في إنهاء عمل الوكالة أن يلغي قرار الكونغرس.

هذا وجه واحد من بين أوجه عدة من المعركة القانونية والقضائية الإعلامية القائمة بين الطرفين في الوقت الحاضر.
فيما يصر الديمقراطيون الأعضاء في مجلس الشيوخ أنهم سيعملون على إيقاف جميع المصادقات على تعيين موظفي وزارة الخارجية في الإدارة الجديدة إلى حين التزام إدارة الرئيس ترامب توضح موقفه من مصير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.