إنزال العلم السوري ورفع راية الدروز في السويداء: خطوة نحو الحكم الذاتي أم صراع الهوية؟
شهدت محافظة السويداء جنوب سوريا تطورات متسارعة مع إنزال العلم السوري الجديد ورفع راية الموحدين الدروز في عدة مناطق، تزامناً مع بدء تنفيذ اتفاق بين الحكومة السورية ووجهاء الطائفة الدرزية. هذه التطورات أثارت تساؤلات حول ما إذا كانت سوريا تتجه نحو نظام فيدرالي أو حكم ذاتي للدروز في المناطق التي يشكلون فيها أغلبية سكانية، وسط مخاوف من تداعيات إقليمية ودولية.
بنود الاتفاق الجديد والتوترات المتواصلة
بدأت دمشق تنفيذ الاتفاق الموقع مع وجهاء الدروز في السويداء بتفعيل الأمن الداخلي والضابطة العدلية من أبناء المحافظة نفسها. وأكد محافظ السويداء مصطفى البكور عودته إلى مقر عمله في مبنى المحافظة وفقاً للتوافق الحاصل، معتبراً ذلك مؤشراً على بداية تطبيق الاتفاق.
تضمن الاتفاق خمسة بنود رئيسية أبرزها:
- تفعيل قوى الأمن الداخلي (الشرطة) من أفراد سلك الأمن الداخلي سابقاً
- تفعيل الضابطة العدلية من كوادر أبناء محافظة السويداء حصراً
- رفع الحصار عن مناطق السويداء وجرمانا وصحنايا وأشرفية صحنايا
- تأمين طريق دمشق-السويداء وضمان سلامته
- وقف إطلاق النار في جميع المناطق
مطالبات بالحكم الذاتي وموقف الزعامات الدرزية
رفض الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي لدروز سوريا، تسليم السلاح قبل ضمان حقوق المكونات السورية. وقال: “تسليم السلاح أمر مرفوض نهائياً لحين تشكيل الدولة وكتابة الدستور الذي يضمن حقوق الدروز وحقوق الجميع”.
تشير مصادر إلى وجود نقاشات علنية في الأوساط الدرزية حول فكرة “الحكم الذاتي” في السويداء، حيث يتداول البعض اقتراحات مثل استبدال المكاتب الحكومية في المحافظة بهيئات درزية محلية تدير شؤون المنطقة بشكل مستقل عن الحكومة المركزية.
تدخلات إقليمية وتعقيدات دولية
دخلت إسرائيل على خط الأزمة، حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل هاجمت هدفاً قرب القصر الرئاسي في دمشق، مجدداً مزاعمه بالسعي لحماية الطائفة الدرزية. وفي وقت سابق، كلف نتنياهو الجيش الإسرائيلي بتحديد أهداف عسكرية وإدارية في سوريا بدعوى “منع التعرض للطائفة الدرزية”.
يقول مراقبون إن إسرائيل استغلت التغيير الذي شهدته سوريا من أجل إضعاف الدولة السورية، مشيرين إلى أن حكومة نتنياهو تستغل الورقة الدرزية لتحقيق أهداف استراتيجية في سوريا تقوم على تقسيم الدولة إلى مجموعة دويلات للأقليات.
مستقبل غامض بين الوحدة والانقسام
إن الأحداث الأخيرة في السويداء تطرح تساؤلات جدية حول مستقبل العلاقة بين الطائفة الدرزية والحكومة المركزية في دمشق، وما إذا كانت سوريا تتجه نحو نظام فيدرالي. ورغم مطالبات البعض بالحكم الذاتي للدروز، يؤكد الزعماء الروحيون للطائفة أن هدفهم ليس الانفصال بل ضمان حقوقهم ضمن دولة مدنية.
في ظل الصراعات المستمرة في سوريا والمنطقة، يبقى مستقبل العلاقة بين دمشق والمكونات المختلفة للشعب السوري رهن التوازنات الداخلية والإقليمية والدولية، ومدى قدرة النظام الجديد على استيعاب الخصوصيات المختلفة ضمن إطار دولة موحدة.