تشهد روسيا هذه الأيام أزمة مالية متفاقمة، مع تسجيل عجز غير مسبوق في ميزانيتها خلال شهر أبريل 2025. فقد كشفت التقارير الاقتصادية عن قفزة هائلة في العجز التراكمي للأشهر الأربعة الأولى من العام، ليبلغ ثلاثة أضعاف ما كان عليه في نفس الفترة من العام الماضي، في مؤشر واضح على تصاعد الضغوط الاقتصادية التي تواجهها البلاد.
ويرجع هذا العجز القياسي إلى عدة عوامل متداخلة، في مقدمتها التراجع الحاد في إيرادات النفط والغاز، المصدر الرئيسي للدخل القومي الروسي. فقد شهدت أسعار النفط الروسي انخفاضًا ملحوظًا في الأسواق العالمية، ما أدى إلى انخفاض عائدات الدولة بشكل كبير. وفي الوقت نفسه، ارتفعت النفقات الحكومية بوتيرة غير مسبوقة، خاصة في قطاع الدفاع، حيث ضاعفت روسيا من إنفاقها العسكري في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية والصراعات الإقليمية.
ووفقًا للبيانات الرسمية، فقد تجاوز العجز المالي في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025 حاجز الثلاثة تريليونات روبل، أي ما يعادل نحو 40 مليار دولار، وهو رقم لم تشهده الميزانية الروسية منذ سنوات طويلة. ويمثل هذا العجز حوالي 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ما يثير مخاوف جدية بشأن قدرة الحكومة الروسية على الحفاظ على استقرارها الاقتصادي في ظل استمرار هذه الظروف الصعبة.
وتشير التوقعات إلى أن مخصصات الإنفاق العسكري ستستمر في الارتفاع خلال العام الجاري، لتشكل أكثر من ثلث الميزانية العامة، وهو ما قد يفاقم من حدة الأزمة المالية إذا لم تتعافَ أسعار النفط أو يتم إيجاد مصادر دخل بديلة. ورغم تطمينات وزارة المالية الروسية بأن هذا العجز لن يؤثر على الأهداف الاستراتيجية للميزانية، إلا أن محللين اقتصاديين يحذرون من أن استمرار هذا الوضع قد يدفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات تقشفية أو فرض ضرائب جديدة على المواطنين والشركات.
ويواجه الاقتصاد الروسي اليوم تحديات معقدة تتطلب حلولاً عاجلة وإصلاحات جذرية، خاصة في ظل استمرار العقوبات الغربية وتراجع الاستثمارات الأجنبية. ويبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن روسيا من تجاوز هذه الأزمة المالية غير المسبوقة أم أن البلاد مقبلة على مرحلة من التقشف والتغييرات الاقتصادية المؤلمة؟