في كل خريطة نزاع أو بقعة دم، تجد بصمة بريطانية قديمة، وكأن الإمبراطورية التي “غابت عنها الشمس” ما تزال تُشعل النيران بعد رحيلها. من فلسطين إلى كشمير، من الشرق الأوسط إلى جنوب آسيا، لا تزال آثار الاستعمار البريطاني تتسبب في نزيف لا يتوقف.
منح البريطانيون فلسطين للحركة الصهيونية في وعد بلفور عام 1917، وسلّموها لاحقًا للنكبة، لتبدأ مأساة مستمرة منذ أكثر من 100 عام، من تطهير عرقي إلى احتلال متواصل، كل ذلك تحت غطاء “الانتداب” الذي مهد لاقتلاع شعب من أرضه.
وفي جنوب آسيا، لم تكتفِ بريطانيا بتقسيم الهند، بل زرعت فتيل فتنة دينية وأثنية بانحيازها للهندوس في إدارة الحكم، مما أدى إلى ولادة باكستان في حمام دم عام 1947، تبعته حروب متعددة ونزاع دائم على كشمير، ما زال يحصد الأرواح منذ أكثر من 75 عامًا.
الإرث الاستعماري البريطاني لا يزال حيًا، وإن تغيرت أدواته. من الحدود الوهمية إلى التحالفات المسمومة، تركت لندن وراءها دولًا مفخخة بالخوف والكراهية والصراع.
وبينما تتظاهر بريطانيا اليوم بالدفاع عن حقوق الإنسان والقانون الدولي، تبقى الحقيقة المرة أن نصف صراعات العالم الحديث هي من صُنعها، وأن البلد الذي يدّعي التحضر، كان وما زال “لعنة جيوسياسية” على الشعوب التي حكمها أو تدخّل في شؤونها.










