الذكرى الثامنة والعشرون لمذبحة غولجا
في الخامس من فبراير/شباط، أحيا الأويغور حول العالم الذكرى الثامنة والعشرين لأحداث غولجا، تلك المذبحة التي هزت مدينة غولجا في منطقة شينجيانغ بالصين في عام 1997. ورغم مرور أكثر من ربع قرن على هذه المأساة، إلا أن القمع الصيني ضد الأويغور لا يزال مستمرا، ما يزيد من آلام أفراد هذه الأقلية القومية.
زبيرا شمس الدين، الناشطة الأويغورية البارزة، وصفت هذا اليوم بمثابة ذكرى مؤلمة لفقدان عائلتها وأحبائها. وفي حديث لها مع إذاعة صوت أميركا، قالت شمس الدين: “لقد كنت أحيي هذا اليوم وأحتج عليه منذ 28 عاما، في الخامس من فبراير، حيث كانت مذبحة غولجا بداية للإبادة الجماعية المستمرة للأويغور اليوم”.
كانت غولجا، في عام 1997، مسرحا لمجزرة دموية ارتكبتها القوات المسلحة الصينية ضد الأويغور الذين خرجوا في مظاهرات سلمية مطالبين بحقوقهم الأساسية، لا سيما حرية الدين والثقافة الأويغورية. في تلك الحملة القمعية، فقدت شمس الدين العديد من أفراد عائلتها، بما في ذلك شقيقها صدر الدين وابن أخيها همت محمد، كما أدين شقيق آخر بالسجن مدى الحياة.
وعلى الرغم من مرور سنوات طويلة، لا تزال شمس الدين تواصل مناضلتها، حيث تتولى حاليا منصب منسقة التواصل مع الصين في مشروع حقوق الإنسان الأويغوري في واشنطن. وفي إطار إحياء ذكرى المذبحة، نظمت شمس الدين مظاهرة أمام السفارة الصينية في واشنطن، بمشاركة ناشطين آخرين، للتنديد بالقمع المستمر الذي يعاني منه الأويغور في الصين.
تاريخ العنف والقمع
تعود جذور القمع الذي تعرض له الأويغور إلى العديد من الأحداث الدموية التي تلت مذبحة غولجا، حيث فرضت الحكومة الصينية قيودا صارمة على حرية الأويغور، بما في ذلك منع التجمعات الثقافية والدينية. وقد كانت “حادثة يينينج”، التي تصفها بكين بأنها “أعمال شغب”، بداية للحملة التي شهدت معاناة الأويغور تحت القبضة الحديدية.
وبحسب تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش”، يعود هذا القمع إلى عام 1996 حينما أصدرت الحكومة الصينية الوثيقة رقم 7 التي شددت من الإجراءات الأمنية في شينجيانغ، وفرضت قيودا على الأنشطة الدينية والثقافية. وأدت هذه السياسات إلى تزايد الاعتقالات الجماعية والعمل القسري، وهو ما دفع المجتمع الدولي إلى وصف التصرفات الصينية بأنها “إبادة جماعية” للأويغور.
الذكرى الثامنة والعشرون: الأويغور بين الذاكرة والانتقام
الذكرى هذا العام تأتي في وقت حساس، حيث تسلط الضوء على استمرار معاناة الأويغور ورفض المجتمع الدولي للممارسات الصينية. روشان عباس، المدير التنفيذي لحملة الأويغور، أكد في بيان له أن مذبحة غولجا كانت “لحظة محورية”، معتبرا أن فشل العالم في التفاعل مع هذه الفظائع شجع الحكومة الصينية على الاستمرار في ممارساتها القمعية.
في الوقت نفسه، تواصل شمس الدين جهودها في كشف المستور حول ما يحدث في شينجيانغ، معبرة عن ألمها لما تعرضت له عائلتها. فقد نقل شقيقها عبد الرزاق، الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة الانفصال، إلى سجن أورومتشي، لكن مكانه الدقيق لا يزال مجهولا.
التحقيقات الدولية والتنديد المستمر
بينما ترفض الصين الاتهامات الدولية، وتصف أحداث غولجا بأنها “حادثة خطيرة”، تؤكد جماعات حقوق الإنسان أن ما حدث في غولجا كان بداية لإبادة جماعية ما زالت مستمرة إلى اليوم.
ويطالب الأويغور والمنظمات الدولية بإطلاق سراح المعتقلين الأويغور، خاصة أولئك الذين سجنوا ظلما بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات السلمية.
الذكرى الثامنة والعشرون لمذبحة غولجا ليست مجرد تذكير بحجم القمع الذي تعرض له الأويغور، بل هي دعوة لتكثيف الضغط الدولي على الصين من أجل إنهاء الانتهاكات والاعتراف بما تعرض له الشعب الأويغوري من ظلم وإبادة جماعية.