تدخل ألمانيا المرحلة النهائية من حملتها للانتخابات التشريعية التي ستجرى الأحد المقبل، في مناخ يتسم بالاستقطاب أكثر من أي وقت مضى بسبب الهجرة، فاقمه الدعم العلني من جانب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لليمين المتطرف.
وفي بلد اعتاد منذ فترة طويلة على التبادلات الحضارية بين الأحزاب وتسوده ثقافة التسوية، تجلى هذا الجو المشحون غير المعتاد في مناظرة تلفزيونية غير مسبوقة نظمت مساء الاثنين على قناة “آر تي إل ألمانيا”.
وفي مؤشر إلى حالة التشرذم السياسي في ألمانيا، لم تكن هذه المناظرة محصورة بين شخصين كما حدث في الانتخابات السابقة، بل جمعت أربعة متنافسين رئيسيين على منصب المستشارية، للمرة الأولى في تاريخ التلفزيون الألماني.
وعلى مدى ساعتين، انخرط المستشار الاشتراكي الديموقراطي المنتهية ولايته أولاف شولتس، وزعيم حزب المحافظين فريدريش ميرتس، وزعيم حزب الخضر روبرت هابيك، وزعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف أليس فايدل، في مبارزة متلفزة لا هوادة فيها.
وقد حصل حزب البديل من أجل ألمانيا على مكانته في هذه المبارزة “الرباعية” بفضل استطلاعات الرأي التي تتوقع أن تحتل هذه الحركة القومية المناهضة للمهاجرين المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية وحصولها على ما لا يقل عن نسبة 20%، خلف المحافظين الذين تتوقع الاستطلاعات حصولهم على نسبة تتراوح بين 30% و32%.
وقد أدى الدعم الصريح الذي تلقاه الحزب من المقربين من الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى زيادة التوتر في الأيام الأخيرة من الحملة.
وقال فريدريش ميرتس، المرشح المفضل في استطلاعات الرأي لتولي منصب المستشار، بغضب خلال المناظرة: “أرفض تدخلا كهذا في الانتخابات التشريعية الألمانية وفي تشكيل الحكومة التي ستليها”.
ويتمثل السبب في الخطاب اللاذع لنائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس الجمعة أمام مؤتمر ميونيخ والذي دعا فيه أوروبا إلى فتح الباب أمام الأحزاب اليمينية المتطرفة.
ورد زعيم حزب المحافظين الألماني قائلا: “لن أسمح لنائب الرئيس الأميركي بأن يخبرني مع من يجب أن أتحدث هنا في ألمانيا”.من جهته وصف شولتس خطاب نائب الرئيس الأميركي بأنه “غير مقبول”.
في المقابل، رحبت أليس فايدل “بحرارة” بـ”التصريحات الواضحة” التي أدلى بها جي دي فانس وسلطت الضوء على أوجه التشابه بين برنامجها وبرنامج إدارة ترامب.
وينطبق ذلك خصوصا على الهجرة، وهي القضية التي تهيمن على الحملة الانتخابية الألمانية ويستفيد منها حزب البديل من أجل ألمانيا.
وقد برزت هذه القضية عقب عدد من الهجمات والاعتداءات الدامية التي وقعت مؤخرا وارتكبها أجانب، مثل الهجوم الذي حصل في ميونيخ الجمعة وأسفر عن مقتل شخصين وإصابة 37 آخرين.
وأنحت فايدل باللائمة على حكومة شولتس لأن “الناس يموتون في الشوارع كل يوم”.أما ميرتس فوَعد بمراجعة سياسة اللجوء.