تعيش مناطق عدة في سوريا، منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي، توترات أمنية متزايدة، حيث تتكرر عمليات استهداف عناصر الأمن التابعين للسلطات الجديدة في كمائن مسلحة وهجمات مباغتة.
ووفقا لروايات رسمية أو جهات مؤيدة للسلطات الجديدة، فإن تلك الهجمات تُنسب إلى “فلول النظام السابق”، الذين يسعون إلى تقويض الاستقرار وإشاعة الفوضى عبر عمليات اغتيال واستهداف ممنهج لقوات الأمن.
وتؤكد تلك الجهات أن ما يحدث هو جزء من محاولات متواصلة لزعزعة الأمن ومنع ترسيخ سلطة الحكومة الجديدة.
ويرى منتقدو تلك الروايات أن ما يجري ليس مجرد استهداف منظم لعناصر الأمن، بل اشتباكات تنجم عن انتهاكات يُتهم بعض أفراد هذه القوات بارتكابها بحق مكونات من الشعب السوري.
ويشير هؤلاء إلى أن التوترات المتكررة تعكس حالة من الاحتقان في بعض المناطق، حيث يُتهم الأمن الجديد بممارسات تعسفية أو إجراءات قمعية، مما يثير ردود فعل عنيفة تتطور أحيانًا إلى مواجهات مسلحة.
وتوزعت الهجمات في عدة مناطق، أبرزها طرطوس، واللاذقية، وريف دمشق، وأسفرت عن سقوط عدد من القتلى في صفوف تلك القوات الأمنية أو من عناصر مسلحة ومدنيين.
أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن توثيق سقوط 21.402 شخص في سوريا خلال العام 2024، في أحدث تقرير له حول الخسائر البشرية في النزاع السوري.
ولكن المحلل السياسي والخبير في الشؤون السورية، عمار وقاف، يقول لموقع “الحرة” إنه “إذا أخذنا منطقة الساحل السوري كمثال، فإن ما يحدث حاليًا هو انعدام شبه كامل للثقة بين الأمن العام والمواطنين”.
وأضاف أنه “إذا قارنا بين عدد الحوادث التي تعرض فيها أفراد الأمن العام للاعتداء، مقابل الحالات التي تعرض فيها الناس لاعتداءات على يد قوات الأمن العام أو العناصر المتعاطفة معها، فإن نسبة الاعتداءات الواقعة على أفراد الأمن العام تكاد تكون لا تُذكر حتى الآن”.
واستشهد وقاف بما حدث بإحدى قرى محافظة طرطوس مؤخرا، قائلا: “يدخل أربعة ملثمين إلى محل تجاري ويقتلون من بداخله أمام عدسة الكاميرا في مشهد تقشعر له الأبدان، وذلك في بلدة خراب مرقية قرب مدينة بانياس، وكل ما يسمعه أهل البلدة وجوارها هو قصة ملاحقة فلول النظام”.
وذكر وقاف حادثة ثانية، قائلا: “دخلت قوة للأمن العام إلى قرية عين شمس في ريف حمص الغربي، وبدأت بإطلاق الأعيرة النارية مما أدى إلى مقتل وجرح عدد من الأهالي بالإضافة إلى اعتقال العشرات”.
ويقول وقاف إن “الجميع يتفاجأ بالحادثة معروضة على شاشة متلفزة عربية محترمة وكأنها درس في فن الحرب النظيفة. والعنوان جاهز، ملاحقة (فلول النظام)”.
وفي نفس السياق، يرى مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن ” أن استفزاز المواطنين عن طريق الاعتداءات على معتقداتهم الدينية وغيرها من الاستفزازات ينذر بواقع قد ينفجر، وتصل الأمور إلى ما لا يُحمد عقباه”.
وأضاف في تصريحات نشرها على الحساب الرسمي للمرصد على “فيسبوك” متحدثا عن ما جرى في مدينة القرداحة مؤخرا: “حاول عناصر الأمن الاستيلاء على منزل ضابط سابق في المدينة، بهدف تحويله إلى نقطة تابعة لقوات الأمن الداخلي”.
وتابع: “وخلال العملية، أطلقوا الرصاص على صاحب المنزل، مما أدى إلى تجمع شبان في المنطقة واندلاع أعمال شغب. الأمر تصاعد إلى إطلاق نار كثيف من قبل عناصر المخفر، رغم أنه لم يكن هناك هجوم فعلي على المخفر كما زُعم”.