في ظل إعلان وفاة الشيخ أبو إسحاق الحويني اليوم، برزت تساؤلات حول مكان دفنه ومدى تشابه الوضع مع ما حدث مع زعيم الطائفة الإسماعيلية الذي دفن في مصر مؤخرًا.
وتوفي الإمام الـ49 للطائفة الإسماعيلية الحشاشين الأمير كريم الحسيني أغا خان الرابع في الرابع من فبراير الماضي عن عمر يناهز 89 سنة، وأقيمت صلاة الجنازة عليه في المركز الإسماعيلي بالعاصمة البرتغالية لشبونة التي حضرها الرئيس ريبيلو دي سوزا ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إلى جانب أفراد الأسرة وزعماء الطائفة الشيعية وكبار الشخصيات الدولية، ليدفن بعد ذلك في مراسم خاصة بمدينة أسوان في مصر في التاسع من فبراير الماضي.
وتوفي الدكتور يوسف القرضاوي بعد وفاة الأغا خان ولم يدفن في مصر، وأعلن حاتم الحويني، نجل الشيخ أبو إسحاق الحويني، وفاة والده بعد صراع مع المرض. وكان الشيخ الحويني، المعروف بتخصصه في علم الحديث، مقيمًا في قطر منذ سنوات، حيث نُقل إلى الرعاية المركزة منذ عشرة أيام نتيجة إصابته بجلطة كبدية أدت إلى فقدانه الوعي بالكامل.
وفقًا للمصادر المتاحة، من المقرر إقامة صلاة الجنازة غدًا في أحد المساجد الكبرى في قطر، ثم دفن الجثمان هناك. وقد حظي إعلان وفاته بتفاعل واسع، حيث نعاه الأزهر الشريف مشيدًا بجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها.
كشفت مصادر مقربة من أسرة الشيخ الحويني أنه كان يرى أن يُدفن الإنسان في المكان الذي يموت فيه، وبالتالي سيتم دفنه في قطر التي انتقل إليها منذ سنوات. هذا الموقف يتسق مع فتاواه السابقة، حيث أفتى سابقًا بضرورة دفن المتوفى في مكان وفاته. وحتى الآن، لم تظهر أي معلومات عن طلب من أسرته لنقل جثمانه إلى مصر أو موقف رسمي من السلطات المصرية بشأن هذا الأمر.
في سياق مقارن، توفي الأمير كريم الحسيني آغاخان الرابع، زعيم الطائفة الإسماعيلية، في فبراير 2025 بمدينة لشبونة البرتغالية، ونُقل إلى أسوان لدفنه تنفيذًا لوصيته بأن يُدفن بجوار جده السلطان محمد شاه بالجبل الغربي. حظيت جنازته باهتمام رسمي، حيث شارك محافظ أسوان في مراسمها، وقدمت الدولة المصرية التسهيلات اللازمة لإنهاء الإجراءات وفقًا لتعليمات رئيس الوزراء.
هناك اختلافات جوهرية بين حالتي الشيخ الحويني وزعيم الطائفة الإسماعيلية:
- الآغاخان أوصى بدفنه في مصر، بينما كان الحويني يرى أن يُدفن المتوفى حيث مات، مما يفسر دفنه في قطر.
- علاقة الشيخ الحويني بالسلطات المصرية كانت معقدة في بعض الأحيان، بينما كان للآغاخان علاقات طيبة وأنشطة تنموية في مصر.
- توفي الحويني وهو مقيم في قطر منذ سنوات، في حين توفي الآغاخان في البرتغال وكان له ارتباط تاريخي بأسوان.
بناءً على المعلومات المتوفرة، يبدو أن دفن الشيخ الحويني في قطر نابع من قناعته الشخصية وليس نتيجة موقف من السلطات المصرية. ولم تصدر أي بيانات رسمية من مصر تمنع دفنه على أراضيها، كما لم يُعلن عن طلب من أسرته لنقل الجثمان. في المقابل، سمحت مصر بدفن الآغاخان احترامًا لوصيته وعلاقاته الطيبة بمصر.
وبينما يحزن محبو الشيخ الحويني على رحيله، تبقى مسألة دفنه متوافقة مع آرائه الفقهية ووجهة نظره الشخصية.
من هو الشيخ أبو إسحاق الحويني ؟
يعد الشيخ أبو إسحاق الحويني من أبرز علماء الحديث والدعاة السلفيين في مصر والعالم العربي الذي رحل عن عالمنا في 17 مارس 2025 عن عمر ناهز 69 عاماً بعد صراع مع المرض. عرف الحويني بغزارة علمه وتخصصه في علوم الحديث النبوي كما أثارت بعض آرائه وفتاويه جدلاً واسعاً على مدار مسيرته الدعوية
النشأة والتكوين العلمي
ولد الشيخ أبو إسحاق الحويني واسمه الحقيقي حجازي محمد يوسف شريف في 10 يونيو 1956 بقرية حوين التابعة لمحافظة كفر الشيخ شمال مصر. نشأ في عائلة متوسطة الدخل تعمل في قطاع الزراعة وخلال دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية تنقل بين مدارس قرى محافظة كفر الشيخ
انتقل الحويني في شبابه إلى القاهرة حيث عاش مع أخيه وبدأ في تلك الفترة حضور محاضرات الشيخ عبد الحميد كشك مما أثر في توجهه الديني. التحق بكلية الألسن في جامعة عين شمس متخصصاً في اللغة الإسبانية لكنه اتجه بشكل أساسي نحو دراسة العلوم الشرعية وتخصص في علم الحديث النبوي
تأثر الشيخ الحويني بعدد من العلماء البارزين وتلقى العلم على أيدي مشايخ عدة منهم الشيخ ناصر الدين الألباني الذي يعتبره قدوته العلمية كما تعلم من الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ المطيعي في بيت طلبة ماليزيا والشيخ سيد صادق وشيوخ الأعمدة في الجامع الأزهر
المسيرة العلمية والدعوية
ترك الشيخ الحويني إرثاً علمياً غزيراً تمثل في العديد من المؤلفات أبرزها
فصل الخطاب بنقد المغني عن الحفظ والكتاب لأبي حفص الموصلي الحنفي 1985
الانشراح في آداب النكاح 1987
الأربعون في ردع المجرم عن سب المسلم
النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة
طليعة سمط اللآلى في الرد على الشيخ محمد الغزالي
صحيح القصص النبوي
الظل الوريف في حكم العمل بالحديث الضعيف
الفجر السافر على أوهام الشيخ أحمد شاكر
كما قام بتحقيق وشرح عدد من كتب التراث منها البعث لعبد الله بن أبي داود وفضائل فاطمة رضي الله عنها لابن شاهين والأحاديث القدسية الأربعينية لملا علي القاري
نشاطه الإعلامي والدعوي
اشتهر الشيخ الحويني بحضوره الإعلامي القوي حيث قدم العديد من البرامج التلفزيونية على القنوات الفضائية الإسلامية منها
برنامج فضفضة على قناة الناس الفضائية
برنامج أصداف اللؤلؤ على قناة الندى الفضائية
برامج على قناة الرحمة
كان يخطب جمعتين في الشهر بمسجد شيخ الإسلام في مسقط رأسه وألقى العديد من المحاضرات والدروس في مساجد مختلفة في مصر
آراؤه ومواقفه توجهاته الفكرية
يعد الشيخ الحويني من رموز المدرسة السلفية العلمية والتي تختلف عن السلفية السياسية والسلفية الجهادية. ويشار إليه كمرجع في علم الحديث النبوي حيث كان متخصصاً في تمييز الأحاديث الصحيحة من الضعيفة
آراؤه المثيرة للجدل
أثارت بعض آراء الشيخ الحويني جدلاً واسعاً في المجتمع المصري والعربي ومن أبرزها
تصريحاته المنسوبة إليه في 2011 حول الجهاد كحل للأزمات الاقتصادية والتي نفاها لاحقاً أو أوضح أنصاره أنها أخرجت من سياقها
فتاواه بشأن تحريم التحاق الطلاب بكلية الحقوق لأنها تدرس القوانين الوضعية ثم تراجعه عن هذه الفتوى لاحقاً
آراؤه حول قضايا المرأة مثل تشبيهه وجه المرأة بالفرج من حيث وجوب التغطية وتحريمه عمل المرأة
موقفه من مسألة الختان حيث اعتبره سنة نبوية صحيحة
في أواخر حياته اعتذر الشيخ الحويني عن بعض الفتاوى المتشددة والأخطاء العلمية التي وقع فيها في فيديو تم تداوله بين أنصاره
مواقفه السياسية
كان للشيخ الحويني مواقف سياسية متقلبة في بعض الأحيان
لم يدعم الرئيس السابق محمد مرسي في البداية لكنه أيده لاحقاً بعد أن أخذ تعهدات منه بتطبيق الشريعة
دعا المصريين للتصويت لصالح مرسي وأيد قراراته كما طالبه بمنع دخول الشيعة إلى مصر
بعد مظاهرات 30 يونيو 2013 انتقد جماعة الإخوان المسلمين ورأى أنهم لم يحسنوا إدارة البلاد خلال فترة حكمهم
دعا لمقاطعة الاستفتاء على الدستور في 2014
معاركه الفكرية
خاض الشيخ الحويني عدة معارك فكرية مع علماء ومفكرين آخرين
معركته الشهيرة مع الدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق في عام 2011 والتي وصلت إلى رفع دعوى قضائية ضده بتهمة السب والقذف قبل أن يتنازل عنها جمعة لاحقاً
هجومه على الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر في عام 2015 واصفاً إياه بالجاهل في علم الحديث
الجدل حول تأثير فكره
أثيرت تساؤلات حول تأثير فكر الشيخ الحويني على بعض الجماعات المتطرفة خاصة بعد ورود اسمه في قضية داعش إمبابة حيث ذكره أحد المتهمين كمرجع علمي لفكرهم. كما نشر تنظيم داعش فيديو للحويني يتحدث فيه عن شروط البيعة لخليفة المسلمين مدعين أن تلك الشروط تنطبق على زعيمهم آنذاك أبو بكر البغدادي
المرض والوفاة
في أواخر حياته عانى الشيخ الحويني من مشكلات صحية أثرت على نشاطه الدعوي وكان مقيماً في دولة قطر منذ سنوات. في بداية مارس 2025 أصيب بجلطة كبدية تسببت في فقدانه للوعي بشكل كامل ونقل إلى الرعاية المركزة قبل 10 أيام من وفاته
توفي الشيخ أبو إسحاق الحويني في 17 مارس 2025 عن عمر ناهز 69 عاماً وأعلن وفاته نجله حاتم الحويني عبر صفحته على فيسبوك قائلاً إنا لله وإنا إليه راجعون مات أبي
نعى الأزهر الشريف الشيخ الحويني قائلاً نعى الأزهر الشريف الشيخ أبا إسحاق الحويني الذي وافته المنية اليوم بعد عمر ناهز 69 عامًا سخر فيه وقته وجهده لخدمة السنة النبوية وعلومها
الخلاصة
يعد الشيخ أبو إسحاق الحويني شخصية علمية ودينية مؤثرة في العالم الإسلامي ترك إرثاً علمياً كبيراً في مجال الحديث النبوي والدعوة الإسلامية. رغم الجدل الذي أثارته بعض آرائه وفتاويه فإن مساهماته في خدمة السنة النبوية ودوره في إحياء التراث الإسلامي لا يمكن إنكارها
بوفاته فقدت الساحة الإسلامية أحد رموزها المعروفين الذين كان لهم تأثير كبير في تشكيل الوعي الديني لفئات واسعة من المسلمين في مصر والعالم العربي