من كان يصدق أن العلاقة التي وصفت يومًا بـ”التحالف الذي لا يهتز” بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، ستنتهي بعبارات نارية وقطيعة تامة؟! الرجلان اللذان قادا سنوات من التوافق الكامل على ملفات فلسطين وإيران والتطبيع العربي الإسرائيلي، أصبحا اليوم خصمين سياسيين، يتبادلان الاتهامات، في مشهد يكشف التحولات العميقة في توازنات المصالح داخل المعسكر اليميني العالمي.
العلاقة بين ترامب ونتنياهو دخلت نفقًا مظلمًا بعد سلسلة من الخلافات المتراكمة، كان أولها تهنئة نتنياهو السريعة لجو بايدن بعد فوزه في انتخابات 2020، وهو ما اعتبره ترامب خيانة شخصية، ودفعه للقول في مقابلة لاحقة: “لم أتحدث إليه منذ ذلك الحين… تبًا له”.
توالت بعدها الخلافات، حيث اتهم ترامب نتنياهو بالتخلي عنه خلال اغتيال قاسم سليماني عام 2020، مشيرًا إلى أن إسرائيل لم تشارك في العملية كما اتُّفق، ما جعله يشعر بأنه “طُعن في الظهر”.
الخلاف بلغ ذروته بعد إعلان خطة ترامب للسلام المعروفة بـ”صفقة القرن”، حين اندفع نتنياهو للترويج لإمكانية ضم أجزاء من الضفة الغربية، وهو ما أغضب ترامب لأنه تجاوز الإطار الذي رُسم للخطة.
وفي أكتوبر 2023، بعد الهجوم المفاجئ من حركة حماس على إسرائيل، حمّل ترامب نتنياهو مسؤولية الفشل الاستخباراتي والعسكري، وصرّح علنًا أن “إسرائيل لم تكن مستعدة”، ما أثار غضب قادة اليمين الإسرائيلي.
أما الملف الإيراني فكان القشة الأخيرة؛ إذ بدأ ترامب يلمّح إلى إمكانية العودة للمفاوضات مع طهران، وهو ما اعتبرته حكومة نتنياهو تهديدًا مباشرًا لأمن إسرائيل، رغم التوافق السابق على سياسة “الضغط الأقصى”.
ورغم لقاء قصير جرى بينهما في مارالاغو عام 2024 في محاولة لكسر الجمود، فإن الأجواء كانت باردة، وخرج ترامب بعدها بتصريحات تؤكد أن “التجربة مع نتنياهو كانت سيئة جدًا”.
ما بدأ كـ”زواج سياسي” بين ترامب ونتنياهو تحول إلى معركة مفتوحة عنوانها الخيانة والخذلان. لم تعد إسرائيل الحليف المدلل، ولم يعد نتنياهو “الصديق المفضل في الشرق الأوسط”. السياسة لا تعرف الوفاء، ويبدو أن تحالف اليمين العالمي يتفكك من داخله… والسؤال الآن: هل تقف إسرائيل وحيدة إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض؟










