لا تزال ليبيا تتخبط في أزمتها السياسية بعد سنوات من الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي، يفتك الانقسام بقبائلها التي كانت لسنوات تتمتع بنفوذ في البلاد.
فقد أجمع محلّلون ليبيون على تراجع دور ونفوذ القبائل في البلاد في الحياة السياسية وكذلك الاجتماعية، إلى درجة أنها أصبحت في بعض الأحيان جزءا من المشكل الليبي، لدخولها في صراعات نتيجة الاصطفاف السياسي والأيديولوجي والمجتمعي والجغرافي وراء القوى المتنازعة في البلاد.
وخلال السنوات الأخيرة، أثّر الصراع السياسي على وحدة وحياد القبائل الليبية التي انقسمت على نفسها بين الغرب الليبي، حيث يبرز دور قبيلة الورفلة التي يتجاوز تعدادها أكثر من مليون شخص وكذلك قبائل طرهونة ومصراتة، وكلّها تدعم معسكر طرابلس، وكذلك دور قبائل برقة في الشرق الليبي، الداعم الرئيسي للبرلمان والقيادة العامة للجيش، في حين تتنوّع القبائل في الجنوب ويمتدها ولاؤها حتى خارج البلاد، مثل قبائل الطوارق.
ونتيجة لهذا الانقسام، أكد النائب بالبرلمان الليبي أنّه لا يمكن التعويل على القبائل في قيادة أو تبنّي أيّ حل وطني لأزمة ليبيا، لتداخل الأطراف المسبّبة للأزمة بين القوى الأجنبية والداخلية التي ترتبط بعلاقات مع أطرف مسلّحة على الأرض وأخرى سياسية في السلطة، وهو ما يحول دون الوصول إلى تفاهمات ليبية – ليبية.
كما أشار إلى أن القبائل الليبية في الشرق والوسط والجنوب الليبي هي تكتلات اجتماعية تؤثر سلبا وإيجابا في الواقع الليبي بالتنسيق مع قوى النفوذ السياسي والعسكري الموالية لها، مثل إغلاق حقول النفط أو إصدار البيانات المساندة لطرف سياسي أو مؤسسة ما على حساب الآخر.
وفي السياق ذاته، أكد محلل السياسي ، أنه لا يمكن تجاهل ثقل القبيلة في ليبيا، مشيرا إلى قدرتها على فرض قوتها ونفوذها لتجميع كل الليبيين ولعب دور في المصالحة بين المدن، لكنه أشار إلى أن الرهان عليها في إيجاد تسوية سياسية للأزمة الليبية الحالية أو تحقيق الأمن والاستقرار هو “رهان خاسر”، خاصة بعد نجاح القوى السياسية في إقحامها في الصراع السياسي وحتى العسكري وتوظيفها واستعمالها في عمليات الضغط والابتزاز من أجل تحقيق مصالح في السلطة وكسب مزايا قبلية، مثل ملّف الإغلاقات المتكررة لحقول النفط.
يذكر أن ليبيا تعيش منذ العام 2011 حالة من الفوضى، التي لا تزال مستمرة حتى اليوم على الرغم من هدوء المعارك والقتال، إلا أن السلطات والمؤسسات الرسمية في البلاد لا تزال منقسمة بين حكومتين متنافستين، واحدة في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وأخرى برئاسة فتحي باشاغا مدعومة من البرلمان الليبي.