في اليوم الـ410 من العدوان، تواصلت الغارات الإسرائيلية والمجازر في غزة ولبنان، وأدت إلى ارتفاع عدد الشهداء في القطاع إلى 43 ألفا و922، وعدد الجرحى إلى 103 آلاف و898.
بالمقابل، أعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أنها قنصت 5 جنود للاحتلال وسط بيت لاهيا، في حين أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي أنها قصفت قوات الاحتلال في بيت لاهيا ودمرت آلية للاحتلال بعبوة شديدة الانفجار.
وعلى الجبهة اللبنانية، أعلن حزب الله قصفه قواعد عسكرية وتجمعات لجنود الاحتلال، وقد أصيبت إسرائيلية بجروح بشظايا صاروخية في نهاريا بالجليل الأعلى.
وعلؤ الجبهة السياسية، مجرد الإعلان عن عودة الموفد الأميركي عاموس هوكشتين الى المنطقة أشاع أجواء إيجابية. والسبب هذه المرة أنه، هو نفسه، كان قد أعلن أنه لن يعود ما لم يكن هناك تقدم يقود الى صفقة على الجبهة اللبنانية.
مع ذلك، قد لا يكون لهذه الزيارة معنى في حال كان يعتقد بأن لبنان ينتظره ليوقّع له صكّ استسلام، علماً أن المتفائلين يضيفون أسباباً أخرى، من بينها أن مسوّدة الاتفاق المعروضة ليست سيئة بالكامل، وأن إطارها العام لا يشير الى أن إسرائبل قادرة على تحقيق كل أهدافها من الحرب.
النقاش القائم في لبنان محصور في شقّه الفعلي بدوائر ضيقة. صحيح أن قوى كثيرة على اطّلاع، لكن الجميع يتصرف على أن من في يده القرار فئة صغيرة، تضمّ المقاومة في إطار تنسيق فعال مع رئيسَي المجلس والحكومة، ومع عواصم عربية وأوروبية.
كما أن النقاش في كيان الاحتلال محصور بدائرة القرار في الحكومة والجيش ومجتمع الاستخبارات. وبين هؤلاء، تيار جدي يقول إن الجيش لن يحقق أكثر مما حقّقه حتى الآن، وأن هناك فرصة لجبي أثمان تمنح إسرائيل هدنة طويلة نسبياً.
ويقول أصحاب هذه الوجهة لبنيامين نتنياهو إن بين يديه عناصر لسردية نصر يعرضها للجمهور إن قرّر وقف الحرب. كما أن بين المتفائلين من يعتقد بأن في وقف الحرب فائدة أكيدة للإدارتين الديموقراطية والجمهورية في الولايات المتحدة.
إذ بوسع إدارة جو بايدن ادّعاء القدرة على تحقيق إنجاز، ولو في اللحظات الأخيرة. فيما يمكن لإدارة دونالد ترامب أن تبدأ الحصاد لحظة دخوله الى البيت الأبيض.
هذه زاوية تصلح لمقاربة ما يجري من اتصالات.
ويمكن إضافة الكثير من العناصر الداعمة لها، بدءاً بواقع جيش الاحتلال الذي يقاتل بقوة تتآكل قدراتها النوعية أسبوعاً بعد آخر، وبجنود أتعبتهم الحرب المفتوحة على كل الجبهات منذ 14 شهراً.
مروراً بواقع اقتصادي لا يواجه الخسائر المباشرة للحرب فحسب، بل تحدّي استعادة زخم النمو الذي كان قائماً في السنوات الأخيرة، وصولاً الى ما يمكن وصفه بـ«الضغط الصامت» الذي يتولاه سكان المناطق الممتدة من وسط الكيان الى حدود لبنان، وهو جمهور متعَب نال منه الإنهاك جرّاء حرب الاستنزاف القائمة.
هوكشتين شخصياً يعرف أن فيها ما لا يمكن للبنان القبول به. وفي هذه النقطة، يعود الجميع الى السؤال المركزي: هل تتلخّص مهمة هوكتشين بتذليل العقبات وتعديل المسوّدة بما يحقق تفاهماً، فاتّفاقاً على وقف الحرب، أم أنه سيكون «الوسيط الصامت» الذي يحمل ورقة وقلماً ويدوّن أجوبة لبنان، قبل أن ينقلها الى تل أبيب، ليخرج هناك من يقول إن لبنان رفض المقترح، وعطّل المساعي، وقرر مواصلة الحرب؟
الفكرة هنا أن هوكشتين ليس في موقع القادر على لعب دور الأبله، ولا هو في موقع من يدّعي أن بيده مفاتيح الجنة، بل هو في موقع يعرفه اللبنانيون، كما يعرفه الإسرائيليون، وهو موقع لا تنفع معه ابتسامات صفراء أو تعبير لاعب بوكر.
فهو اليوم أمام مهمته الأخيرة كرجل المعاملات في سوق الأسهم، حيث ستظهر ردّة فعله واضحة جداً، فإما أن يقفز فرحاً بمكاسب إضافية، أو يلقي بنفسه على أقرب كرسيّ محبطاً باحثاً عن أقرب باب للخروج من القاعة!