“لا تظلموا الملك عبدلله بن الحسين فالرجل يواجه قوى كونية جباره وحيدا وإمكانيات الأردن كما تعلمون لا تحتاج لشرح وبدلا من ان تشتموه ساندوه”، هكذا انفض السجال حول زيارة ملك الأردن لأمريكا وقيام ترامب بنصب كمين له فور وصوله البيت الأبيض واحراجه أمام الصحفيين.
ويبدو أن ترامب، نجح في دفع الملك الأردني، عبدالله الثاني، الذي زاره في البيت الأبيض، أمس، إلى التراجع عن موقفه المعلن برفض تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن، مذكّراً إياه بأن الولايات المتحدة «تدفع الكثير من الأموال لمصر والأردن».
لكنّ مصر، في المقابل، لم تُظهر أي تراجع عن موقفها، وسط مؤشرات إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أرجأ زيارته إلى الولايات المتحدة، والتي كان يفترض أن تجري الأسبوع المقبل.
وغاب الرفض التام لخطة التهجير عن مواقف الملك الأردني، أثناء وقوفه إلى جانب ترامب وحديثهما إلى الصحفيين، ما يجعل الرفض الأولي موقفاً شعبوياً يخفي كلاماً آخر ينطوي على استعداد للمساومة.
وهو ما يبرّر ما كتبه الملك لاحقاً على منصة «إكس» من أنه أبلغ ترامب «معارضته الشديدة لتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية»، وأن ذلك «موقف عربي مشترك»، وإن وصف اجتماعه مع ترامب بأنه «بنّاء».
وبدا الملك الأردني أكثر تقبّلاً لمشروع التهجير، حينما أبدى استعداد الأردن لاستقبال 2000 طفل مريض من القطاع.
وفي ما يتعلّق بوجود أرض يمكن أن يعيش عليها الفلسطينيون، قال الملك: «عليّ أن أعمل ما فيه مصلحة بلدي»، مضيفاً: «إننا يجب أن نضع في الاعتبار كيفية تنفيذ ذلك، بما يخدم مصلحة الجميع».
كما تحدّث عن خطة تعدّها مصر حول كيفية العمل مع الولايات المتحدة في شأن طرح الرئيس الأميركي، مضيفاً أن ترامب «يتطلّع إلى مجيء مصر لتقديم هذه الخطة. وسنكون في السعودية لمناقشة كيفية عملنا مع الرئيس ومع الولايات المتحدة».
وتابع: «فلننتظر حتى يأتي المصريون ويقدّموا الخطة للرئيس».
والأكثر إثارة للاستغراب، كان سكوت عبدالله الثاني عن إعلان ترامب أمامه تأييده ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، وهو ما كان يعتبره الأردن الخطر الأكبر عليه.
باعتبار أن أي تهجير آخر من الضفة سيكون بصورة أساسية إلى الأردن، الذي لطالما نظرت إليه إسرائيل باعتباره الوطن البديل للفلسطينيين.
بدوره، أعلن الرئيس الأميركي أنه أجرى «نقاشات سريعة مع العاهل الأردني. ولاحقاً سنجري نقاشات أطول»، قائلاً إنه يعتقد «بنسبة 99% بأننا سنتمكن من إنجاز شيء مع مصر أيضاً».
وأضاف: «إننا سندير غزة بشكل صحيح للغاية ولن نشتريها»، مشيراً إلى أنه لن يسعى للمشاركة شخصياً في تطوير غزة عقارياً، وزاعماً أن «الفلسطينيين سيعيشون بأمان في مكان آخر غير غزة، وأدرك أننا قادرون على التوصل إلى حل».
وفي ما يتعلّق بالضفة الغربية، أبدى ترامب تأييده لضم إسرائيل لها، وقال في رد على سؤال في هذا الشأن إن «الأمر سينجح».
وجدد ترامب، دعوته الأردن ومصر لاستقبال الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة، موضحا تفاصيل جديدة بشأن خطته التي أثارت ضجة كبيرة في المنطقة والعالم.
وكان ترامب اقترح أن تتولى الولايات المتحدة زمام الأمور في القطاع من إسرائيل، وتنشئ “ريفييرا الشرق الأوسط” بعد نقل الفلسطينيين إلى أماكن أخرى منها مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان.
وهدد الرئيس الأميركي، الاثنين، بإيقاف المساعدات للأردن ومصر إذا لم يستقبلا اللاجئين، في إشارة إلى سكان غزة.
وفي أعقاب لقاء عقده مع العاهل الأردني عبد الله الثاني في البيت الأبيض، الثلاثاء، تحدث ترامب إلى الصحفيين في بيت الرئاسة عن تفاصيل الخطة.
وأكد ترامب مجددا عدم تراجعه عن خطته.
وفي رده على سؤال من صحفي عن رفض الأردن السابق للخطة، قال ترامب إنه ناقش مع الملك عبد الله الثاني هذا الاقتراح لفترة وجيزة، ثم التفت إلى الملك وطلب منه أن يتحدث عن هذه القضية.
وحينها، قال الملك للصحفيين: “هناك خطة من مصر والدول العربية وتمت دعوتنا لمناقشة الأمر مع محمد بن سلمان. النقطة (الأساسية) هي كيف نجعل ذلك (المقترح) يعمل بطريقة جيدة للجميع”.
ثم أعلن الملك عن مبادرة قائلا: “أعتقد أن أحد الأمور التي يمكننا القيام بها على الفور هي أخذ 2000 طفل من أطفال السرطان الذين هم في حالة سيئة للغاية، هذا ممكن”.
وأشاد ترامب بالمبادرة، ووصفها بأنها “لفتة جميلة” وقال إنه لم يكن يعلم بها قبل وصول العاهل الأردني إلى البيت الأبيض.
وغادر الملك عبد الله البيت الأبيض بحلول الساعة الثانية من بعد الظهر. وشوهد ترامب وهو يقف عندم مدخل الجناح الغربي ملوحا بقبضته اليمنى.
ويأتي اللقاء على وقع هشاشة اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بعد تهديد ترامب حركة حماس ابـ”الجحيم” ما لم تفرج بحلول السبت عن “جميع الرهائن” الإسرائيليين الذين ما زالت تحتجزهم في قطاع غزة.
وأشادت حركة حماس بما وصفتها “المواقف الثابتة” للأردن ومصر، “بعد رفضهما أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني”، وتأكيد البلدين وجود خطة عربية لإعادة إعمار قطاع غزة دون المساس بحقوق سكانه.
وأكدت الحركة أن الموقف الأردني يُعتبر “امتداداً لموقف المملكة الثابت في رفض مشاريع التهجير والتوطين والوطن البديل”، مشيرة إلى أن هذه المشاريع تهدف إلى “طمس هوية الشعب الفلسطيني وإنهاء قضيته العادلة”.
كما عبّرت حركة حماس عن تقديرها لمواقف الدول العربية ودول العالم التي أعلنت رفضها لأي مخططات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين أو تصفية حقوقهم الوطنية، معربةً عن تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه ووطنه، وأنه لن يقبل بأي حلول “تمس حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال”.
وكان الملك الأردني، عبد الله الثاني، أكد خلال لقائه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب على موقف بلاده ضد “التهجير” للفلسطينيين من غزة والضفة الغربية.
وفي تغريدة عبر منصة “إكس” أشار إلى أن هذا الموقف يعكس “الموقف العربي الموحد”، مؤكداً أن أولوية الجميع هي إعادة إعمار غزة “دون تهجير” أهلها.