“المرصد السوري”: قيود صارمة على دخول الإعلام إلى الساحل السوري وسط تحذيرات من طمس أدلة الانتهاكات
أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم الجمعة 14 مارس 2025 أن السلطات السورية الجديدة فرضت قيوداً صارمة على دخول الصحفيين والوكالات الإعلامية الأجنبية إلى محافظات الساحل السوري، متهماً إياها بمحاولة إخفاء أدلة على ما وصفه بـ”جرائم حرب وإبادة جماعية” في المنطقة. وكشف المرصد أن السلطات في دمشق أجبرت الإعلاميين الأجانب على مغادرة البلاد خلال شهر، مع السماح فقط لوسائل الإعلام المقربة من السلطة بالتغطية الإعلامية ضمن مناطق محددة دون غيرها.
منع الصحفيين والفرق الإغاثية من دخول المناطق المتضررة
وفقاً للمعلومات الخاصة التي حصل عليها المرصد السوري لحقوق الإنسان، تؤكد هذه المصادر أن السلطات السورية منعت الصحفيين من الدخول للوقوف على حقيقة ما جرى من أعمال عنف طالت مناطق واسعة من مدن وقرى الساحل السوري. وأكد المرصد أن السلطات لم تكتفِ بتقييد حركة الإعلاميين فحسب، بل امتدت إجراءاتها لتشمل منع وصول الفرق الإغاثية والمساعدات إلى المدن الساحلية التي وصفها بأنها مناطق “منكوبة”.
وشدد المرصد السوري على أن تقييد حركة الإعلاميين يعتبر جزءاً من سياسة ممنهجة لطمس الوقائع ومنع توثيق الانتهاكات التي حدثت في المنطقة خلال الأسابيع الأخيرة. وأوضح أن هذه الإجراءات تأتي ضمن سعي نظامي لإخفاء أدلة جرائم حرب وإبادة جماعية وفق تعبيره.
تحذيرات من تغيير ديموغرافي ومخاوف من الإفلات من العقاب
حذّر المرصد من أن عزل الساحل السوري عن العالم الخارجي يُمهّد لتغيير ديموغرافي قسري وطمس معالم جرائم ضد الإنسانية. كما أشار إلى أن الحجب الإعلامي يسهّل إفلات الجناة من العقاب، داعياً السلطات الجديدة والمجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لضمان وصول الصحفيين، وتوفير المساعدات اللازمة للمناطق المتضررة.
وبحسب التقارير الصادرة عن المرصد، فقد شهدت مدن الساحل السوري موجة عنف غير مسبوقة ضد أبناء من الطائفة العلوية وصلت حد الإبادة الجماعية، حيث وثق المرصد سقوط 1476 مدنياً أعزلاً حتى الآن، فضلاً عن عمليات تخريب ونهب وحرق للممتلكات الخاصة من منازل ومحال تجارية وسيارات.
موقف الأمم المتحدة والمطالبات بالتحقيق
في هذا السياق، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان أصدره يوم الخميس إن قتل المدنيين في سوريا غير مبرر، مطالباً بوقف جميع أعمال العنف، وإجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة وذات مصداقية في الانتهاكات، داعياً إلى محاسبة المسؤولين عنها.
وقد اندلعت أعمال العنف في الساحل السوري إثر هجوم على قوات الأمن الحكومية الجديدة، وُجهت أصابع الاتهام فيه لشخصيات عسكرية سابقة موالية للرئيس المخلوع بشار الأسد المنتمي للطائفة العلوية. وأدى الهجوم لعمليات قتل واسعة النطاق لعلويين بعدة محافظات على يد جماعات تُتهم بالارتباط بالحكومة الجديدة.
تحقيقات في أحداث الساحل
وفي إطار الجهود الرسمية للتحقيق في الأحداث، قال المتحدث باسم لجنة تقصي الحقائق في الساحل السوري، ياسر الفرحان، لقناة “الحرة” يوم الخميس، إن “اللجنة تباشر عملها على الأرض ولديها لوائح بالشهود والمتهمين المحتملين”. وأكد الفرحان أن “اللجنة ستقوم بالتحقيق بكل العمليات التي وقعت بالساحل” وأن “موقف السلطة السورية جاء من خلال تشكيل لجنة التحقيق بقضية انتهاكات ضد المدنيين”.
كشف مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، في تصريحات صحفية أمس، أنه حتى الآن لا يمكن الحديث عن رقم نهائي لعدد الضحايا أو عدد المجازر التي وقعت في الساحل السوري، مشيراً إلى أن هناك الآلاف من المفقودين الذين من غير المعروف مصيرهم، لأن المناطق أغلقت بشكل كامل.
الخلاصة
في ظل التعتيم الإعلامي المتزايد على ما يجري في الساحل السوري، تتصاعد المخاوف من استمرار أعمال العنف والانتهاكات دون رقابة دولية فعّالة. وتستمر المنظمات الحقوقية والأمم المتحدة في الضغط للسماح بدخول الإعلاميين والمراقبين الدوليين إلى المناطق المتضررة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، والمطالبة بإجراء تحقيقات شفافة لكشف الحقائق ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
تبقى المنطقة محاطة بتساؤلات حول مصير آلاف المفقودين وحقيقة ما جرى من أحداث دموية، في وقت تواصل فيه السلطات السورية الجديدة فرض إجراءات تقييدية تمنع الإعلام المستقل من نقل الصورة الكاملة لما يجري على الأرض، الأمر الذي يثير مخاوف المجتمع الدولي من طمس الحقائق وتزايد انتهاكات حقوق الإنسان بعيداً عن أعين العالم.