اختُتمت اليوم في العاصمة الماليزية كوالالمبور أعمال القمة السابعة والأربعين لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، والتي شهدت حدثًا تاريخيًا بانضمام تيمور الشرقية رسميًا كأحدث عضو في التكتل الإقليمي، لتصبح الدولة الحادية عشرة إلى جانب بروناي، كمبوديا، الفلبين، إندونيسيا، لاوس، ماليزيا، ميانمار، سنغافورة، تايلاند، وفيتنام.
وجاءت مراسم الانضمام في 26 أكتوبر، بعد 14 عامًا من تقديم تيمور الشرقية طلب العضوية وثلاث سنوات من قبولها كمراقب. وتُعد تيمور الشرقية أصغر اقتصاد في المجموعة، ويُعزى تأخّر قبولها إلى ضعف مؤسساتها وحداثة استقلالها عن إندونيسيا عام 2002. ومع ذلك، فإن موقعها الاستراتيجي وقربها الجغرافي شكّلا عاملين حاسمين في قرار آسيان بضمّها، تجنبًا لتركها عرضة للنفوذ الصيني في المنطقة.
ملف ميانمار يبقى متأزما
لم تحقق القمة أي تقدّم ملموس في أزمة ميانمار، إذ أعرب القادة عن “غياب تقدم جوهري” في تنفيذ خطة النقاط الخمس الخاصة بالسلام، مؤكدين أن ميانمار ستستمر في المشاركة بصفة “تمثيل غير سياسي” إلى أن تُحرز خطوات واضحة نحو الحل السياسي.
وأشارت الرابطة إلى أن الانتخابات العامة التي حددتها السلطات العسكرية في نايبيداو يوم 28 ديسمبر المقبل “لا يمكن أن تسبق وقف العنف وبدء حوار شامل”.
وفي كلمته أمام القمة الخامسة عشرة بين آسيان والأمم المتحدة، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن “أي انتخابات في الظروف الراهنة قد تؤدي إلى مزيد من الإقصاء وعدم الاستقرار”، داعيًا إلى إعطاء الأولوية للمساعدات الإنسانية.
انفراجة بين كمبوديا وتايلاند برعاية إقليمية ودولية
في تطوّر بارز، شهدت القمة توقيع اتفاق سلام جديد بين كمبوديا وتايلاند في 26 أكتوبر، أنهى توترات حدودية استمرت لأشهر. وشارك في توقيع الإعلان المشترك كلٌّ من رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت ونظيره التايلاندي أنوتين تشارنفيراكول، بحضور رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم والرئيس الأمريكي دونالد ترامب كشاهدين على الاتفاق.
وجدد الطرفان التزامهما بوقف إطلاق النار الموقع في يوليو الماضي، وبتنفيذ عمليات نزع الألغام الإنسانية بإشراف مراقبين من آسيان، إضافة إلى حل النزاعات الحدودية سلميًا وتعزيز التعاون في مكافحة الجرائم العابرة للحدود. وتعهدت تايلاند بإطلاق سراح أسرى الحرب في أسرع وقت.
ترامب يعيد واشنطن إلى قلب آسيا
شارك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في القمة الثالثة عشرة بين آسيان والولايات المتحدة، حيث تم الاتفاق على تعزيز التعاون في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية.
ووقعت واشنطن اتفاقات تجارية جديدة مع تايلاند وماليزيا وكمبوديا وفيتنام، تشمل تثبيت رسوم جمركية بنسبة 20٪ على صادرات فيتنام و19٪ على باقي الدول الثلاث.
كما تم الاتفاق على تعاون أمريكي-آسيوي لتوسيع سلاسل توريد المعادن النادرة المستخدمة في أشباه الموصلات والسيارات الكهربائية والأسلحة، ردًا على القيود الصينية الأخيرة في هذا المجال.
شراكات جديدة مع الصين والهند واليابان
من جانبها، حدّثت آسيان اتفاقية منطقة التجارة الحرة مع الصين إلى النسخة “3.0”، لتشمل قطاعات الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الأخضر، وتسهّل حركة الاستثمار في الزراعة والصناعات الدوائية.
وحضر رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ القمة الثامنة والعشرين بين الجانبين، فيما شارك رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عن بُعد في قمة آسيان-الهند، حيث تم إعلان عام 2026 عام التعاون البحري، وتوقيع بيان مشترك حول السياحة المستدامة.
كما ركزت قمة آسيان-اليابان على تعزيز التعاون البحري والبنية التحتية وأهداف التنمية المستدامة، في حين شهدت قمة آسيان-أستراليا الخامسة إعلانًا مشتركًا حول منع النزاعات وإدارة الأزمات.
وفي الذكرى الخمسين لعلاقات آسيان-نيوزيلندا، تم توقيع شراكة استراتيجية شاملة واتفاق جديد حول خدمات النقل الجوي.
الفلبين على رأس آسيان 2026
اعتبارًا من الأول من يناير 2026، تتسلّم الفلبين رئاسة آسيان تحت شعار:
“نرسم معًا طريق مستقبلنا”.
وفي كلمته خلال حفل التسليم، قال الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس الابن:
“آسيان هي سفينتنا، وعام 2026 سيكون عام الإبحار المشترك نحو أفقنا الموحد. رغم تلاطم أمواج التغيير، يجب أن تبقى بوصلتنا ثابتة نحو التعاون والاستقرار”.
وأشار ماركوس إلى أن بلاده ستواصل الدفاع عن مركزية آسيان ودورها القيادي في القضايا الإقليمية، في تلميح واضح إلى نزاعات بحر الصين الجنوبي التي تشمل الفلبين وعددًا من دول الرابطة مع بكين.










