أثار الظهور العلني الأخير للعميد عبد العزيز داوود خدابردي (المعروف بلقب “أبو محمد التركستاني”) في ريف إدلب، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والعسكرية. فبينما يُنظر إليه كقائد ميداني بارز ساهم في إسقاط نظام بشار الأسد، يطرح وجوده على رأس تشكيل عسكري رسمي تساؤلات حول طبيعة “الجيش السوري الجديد” وموقع المقاتلين الأجانب ضمن سيادة الدولة السورية في مرحلة ما بعد الأسد.
أولاً: ظهور نادر في سياق “ردع العدوان”
جاء ظهور عبد العزيز خدابردي خلال مراسم تكريم رسمية في منطقة حارم بريف إدلب، حيث قدّم مدير المنطقة حسين جنيد دروع التقدير لقادة عسكريين شاركوا في معارك “ردع العدوان”.
وتصدّر خدابردي المشهد بصفته قائداً للفرقة 84، وهو ظهور وُصف بالنادر نظراً لمحدودية الإطلالات العلنية لقادة الفصائل التي تضم مقاتلين غير سوريين.
عقوبات بريطانية تستهدف “أبو عمشة” وسيف بولاد وتضع الشرع في مأزق
ثانياً: السيرة الذاتية.. مقاتل عابر للحدود
يعد عبد العزيز خدابردي (زاهد) نموذجاً للمقاتلين الذين أمضوا حياتهم في ميادين المواجهة، وتلخص سيرته حسب مصادر لـ”المنشر الاخباري” مساراً طويلاً من النشاط العسكري.
البدايات: ولد عبد العزيز خدابردي. في شينجيانغ “تركستان الشرقية” بالصين عام 1977، وغادرها عام 2010 ليبدأ رحلة تنقل فيها بين ماليزيا وإيران وصولاً إلى أفغانستان، حيث انضم للحزب الإسلامي التركستاني وتلقى تدريبات عسكرية متقدمة حتى عام 2012.
من هو أبو دجانة التركستاني؟ من تركستان الصين إلى حراس الدين في سوريا
ووصل عبد العزيز خدابردي إلى سوريا عام 2012 كقائد عسكري للتركستان، وشارك في أهم المعارك الاستراتيجية (حصار القاعدة 46، تحرير جسر الشغور، مطار أبو الظهور العسكري، وكسر حصار حلب 2016).
وخلال سنوات الحرب، فقد عبد العزيز خدابردي زوجته واثنين من أبنائه (مجاهد وعبد الرزاق) وصهره في غارات وعمليات عسكرية.
الاستخبارات الروسية عن مخطط أمريكي يستهدف سوريا والدول العربية
وفي عام 2021، اتخذ عبد العزيز خدابردي خطوة لافتة بالتخرج من الكلية الحربية التابعة لهئبة تحرير الشام “آنذاك” في إدلب، لشرعنة وجوده العسكري أكاديمياً.
ثالثاً: الفرقة 84.. “نخبة الجبال” الجديدة
تشير المعطيات إلى أن الفرقة 84 التي يقودها عبد العزيز خدابردي صُممت لتكون القوة الضاربة والبديلة للفرقة الرابعة (التي كان يقودها ماهر الأسد)، مع اختلافات جوهرية في العقيدة والتشكيل حيث تضم نحو 30 ألف مقاتل، أغلبهم من ذوي الخبرة العالية في حروب الجبال (تركستان، شيشان، أوزبك) إلى جانب عناصر سورية.
اعتقال قيادات أوزبكية بإدلب… هل بدأت سلطة الشرع حرباً على المقاتلين الأجانب في سوريا؟
وتتخذ من الكلية البحرية في اللاذقية مقراً رئيسياً، وتنتشر بكثافة في الجبال الساحلية وشمال غربي سوريا، وجرى إحداثها بإشراف مباشر من الرئاسة (أحمد الشرع) لضم فصائل مثل “الحزب الإسلامي التركستاني” و”أجناد القوقاز” بعد حل مسمياتها السابقة استجابة لتفاهمات دولية.
رابعاً: إشكاليات الاندماج والسيادة
على الرغم من تعيين عبد العزيز خدابردي قائداً للفرقة 133 ثم الفرقة 84 برتبة عميد بمرسوم من وزارة الدفاع، إلا أن ملفه يواجه تحديات حقيقية:
ولا تزال الحكومة الانتقالية تلتزم الصمت حيال تنظيم منح الجنسية السورية لهؤلاء المقاتلين، وهو ما يجعل صفتهم “كمواطنين سوريين” غير مكتملة قانونياً.
«المقاتلين الأجانب».. عمود الجيش الأمريكي وذراع روسيا وإخوان أحمد الشرع !
ويخشى مراقبون أن يقتصر الاندماج على “تغيير المسميات” فقط، حيث لا تزال هذه التشكيلات تحتفظ بمعسكراتها الخاصة وتسلسل قيادي مرتبط بماضيها الفصائلي.
يمثل وجود قادة من الإيغور (المطلوبين للصين) على رأس فرق عسكرية رسمية تحدياً ديبلوماسياً للحكومة السورية الجديدة في محاولتها الحصول على اعتراف دولي واسع وتجنب الاحتكاك مع القوى العظمى.
يمثل العميد عبد العزيز خدابردي “رأس الحربة” في مشروع دمج المقاتلين الأجانب. وبينما يراه المؤيدون “بطلاً فاتحاً” قاد المعارك من إدلب حتى دمشق، تراه دوائر أخرى تحدياً قانونياً يتطلب حلاً سياسياً يضمن هوية الجيش السورية الخالصة مع تقدير تضحيات من ساندوا الثورة.











