تسلّم جيش الاحتلال الإسرائيلي، السبت، أسيرين أفرجت عنهما حركة المقاومة الاسلامية حماس عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وذلك في إطار عملية التبادل الرابعة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وكان لافتا توقيع الأسري علي تعهد أو شرط بعدم العودة والخدمة في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي.
الرهينتان هما عوفر كالديرون، الذي يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والفرنسية، وياردين بيباس.وأما الرهينة الثالة التي جرى تسليمها، فيدعى كيث سيغل، ويحمل الجنسيتين، الإسرائيلية والأميركية.
وقالت القناة 12 الإسرائيلية، إن حركة حماس طلبت من الأسرى الإسرائيليين الذين تم الإفراج عنهم التوقيع على تعهد بعدم الخدمة في صفوف الجيش الإسرائيلي.
وأوضحت أن الوثيقة التي وصفتها بـ”رسالة إخلاء سبيل” ذكر فيها أنه “الأسرى لن يقاتلوا بعد الآن ضمن جيش إسرائيل”.
وفي وقت سابق السبت، ظهر الرهائن الثلاث الذين تم إطلاق سراحهم في صفقة التبادل بين إسرائيل وحماس وفي يدهم وثائق تحمل صورهم وتوقيع.
وأفرجت حماس عن 3 رهائن هم كيث سيغل في ميناء مدينة غزة شمالي القطاع، وياردين بيباس والفرنسي-الإسرائيلي غوفر كالديرون في خان يونس في جنوب القطاع.
وبحسب شهود عيان، فإن كتائب “القسام” أوصلت الأسيرين إلى موقع التسليم بخان يونس عبر مركبة سوداء رباعية الدفع يرجح أنها استولت عليها خلال اقتحامها للمواقع العسكرية الإسرائيلية في 7 أكتوبر 2023، وفق مصادر فلسطينية.
وذكرت وكالة “الأناضول”، أن “القسام” سلمت الأسير كيث سيغال هديتين إحداهما لزوجته التي أفرجت عنها خلال صفقة التبادل التي جرت في الصفقة الأولى بغزة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.
من جانبها، قالت هيئة البث الإسرائيلية، إن الأسير كيث سيغال ظهر على منصة حماس وهو يحمل حقيبتي “هدايا” من الحركة له ولزوجته “أفيفا” التي تم الإفراج عنها في إطار الصفقة الأولى في نوفمبر 2023.
وفي المقابل، من المفترض أن تفرج إسرائيل عن 183 أسيرا فلسطينيًا، وفق ما أفاد به نادي الأسير الفلسطيني.ومنذ بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، أطلقت إسرائيل سراح مئات الأسري الفلسطينيين، الكثير منهم من النساء والأطفال.
ومنذ دخول الهدنة حيز التنفيذ في 19 يناير، أُفرج عن 15 أسير كانوا خطفوا في هجوم حماس على جنوب الأراضي المحتلة في السابع من أكتوبر 2023.
وخلال الهجوم، خطف مقاتلو حماس 251 شخصا، ما زال 79 منهم أسيرا في غزة، وقُتل ما لا يقل عن 34 منهم، وفقا للسلطات الإسرائيلية.وكان من بين الذين اختطفوا زوجة بيباس وطفلاه، لكن في حين أعلنت حماس مقتلهم، لم تؤكد ذلك السلطات الإسرائيلية الأمر.
وقالت حركة حماس في تصريح صحفي “في إطار صفقة ’طوفان الأحرار‘ أفرجت المقاومة عن عدد 3 أسرى للعدو الصهيوني أحدهم إسرائيلي يحمل الجنسية الأميركية، مقابل تحرير دفعة جديدة من أسرانا الأبطال من سجون الاحتلال”.
في المقابل، شرعت إسرائيل، في إطلاق سراح 183 أسيرا فلسطينيا، من بينهم 111 من قطاع غزة، جرى اعتقالهم بعد السابع من أكتوبر.
من جهته يقول الدبلوماسي البريطاني السابق توم فيليبس أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) دمرت فكرة أن إسرائيل لا تقهر عسكريا، وكشفت عن هشاشة الدعم الدولي الذي تحظى به، مما يثير تساؤلات صعبة حول مدى قدرتها على الاستمرار في الأمد البعيد، لكن برغم ذلك لا تزال إسرائيل تتحدث عن حرمان حماس من أي نوع من النصر الحاسم.
مضيفا في مقاله بصحيفة هآرتس، أن الحرب الإسرائيلية على غزة قد تؤدي في نهاية المطاف إلى “القضاء على القيادة العسكرية لحماس” عن طريق قتل شخصيات مثل يحيى السنوار وآخرين أو إجبارهم على الخروج إلى المنفى، ولكن ذلك لا ينفي أن حماس قد فازت بالفعل بالجولة الأولى من الحرب.
ولإثبات ذلك، أوضح الكاتب أن حماس نجحت في إطلاق سراح عدد من الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، وفي إعادة تأكيد نفسها بوصفها قوة لا يستهان بها، وإظهار عدم كفاءة حركة فتح وقيادة السلطة الفلسطينية.
وبمجرد نجاتها من هجوم الجيش الإسرائيلي لفترة أطول من أي حرب خاضتها إسرائيل على الإطلاق، أثبتت حماس -حسب قول الكاتب- أنها قوة لا يستهان بها، ومن خلال قيامها بذلك، ألحقت ضررا كبيرا بمكانة الردع التي تتبجح بها إسرائيل كثيرا، ومع العواقب الوخيمة المحتملة على المدى الطويل، لم يعد الجيش الإسرائيلي ذلك “الجيش الذي لا يقهر”.
وسواء قصدت حماس ذلك أو لم تقصده، فقد نجحت على المستوى الإقليمي في خلق حاجز فعال -ولو مؤقتا- أمام طريق التطبيع.
أما على المستوى الدولي، ومهما حاولت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن موازنة الدعم الأساسي لإسرائيل مع الضغوط المحلية والإقليمية والدولية لإنهاء الحرب، فقد أظهرت الأزمة تراجع قدرة الولايات المتحدة على التأثير، وخلقت المجال للآخرين للسعي إلى توسيع نفوذهم، خاصة روسيا.
ومن الإيجابيات الأخرى بالنسبة إلى حماس والفلسطينيين الذين يهتمون بقضيتهم، الضغط الذي فرضته الأزمة على العلاقات الأميركية الإسرائيلية، وتفكير عدد من الدول في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مما يعني أن حماس حققت ما أخفق رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في تحقيقه من إعادة القضية الفلسطينية إلى الخريطة الدولية بشكل مباشر.
وتابع الكاتب أن السرعة المذهلة التي اتسمت بها عملية نزع الشرعية عن إسرائيل بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول يمكن النظر إليها في أعين الكثيرين باعتبارها دليلا إضافيا على “انتصار” حماس.
وخاض كيان الاحتلال منذ إعلان قيامه عام 1948، حروبا مع الدول العربية، وواجه مقاومة فلسطينية مستمرة، حتى تمت اتفاقيات أوسلو في تسعينيات القرن الـ20 ومنحت حكما ذاتيا محدودا للفلسطينيين ولكنها فشلت في نهاية المطاف في تحقيق حل الدولتين وحل الصراع الأساسي.
وعارضت حماس التي تشكلت في الثمانينيات اتفاقيات السلام مع إسرائيل، وخاضت صراعا مع حركة فتح اليسارية المهيمنة تقليديا، في أعقاب فوزها في الانتخابات عام 2006، قبل أن يستتب لها الأمر في غزة عام 2007، حسب المجلة.
وأعلن نتنياهو عن 4 أهداف للحرب الحالية، وهي تشمل تحييد حماس كمنظمة عسكرية وسياسية، وجعل غزة غير قادرة على تشكيل تهديد لإسرائيل في المستقبل، واستعادة جميع المحتجزين الذين ما زالوا في غزة وإعادة مواطنيه من المجتمعات المتضررة من الصراع في الشمال والجنوب.