رسّخ نظام الأسد المخلوع “ثقافة التعفيش” في نفوس كثير من السوريين على مدار عقود، وكان البعض يعتبرون كل ما تصل إليه أيديهم من أموال وممتلكات “الطرف الآخر” غنيمة، من دون أدنى تفكير بأن ما يقومون به لا يمكن تصنيفه إلا جرائم سرقة.
واتبع النظام السابق سياسة التعفيش مع المناطق التي كانت حاضنة للمعارضة، لتطاول أعمال النهب كل البنى التحتية في هذه المناطق، وكان المقصود توريط الجيش والقوى الموالية له في تحمل مسؤولية النهب، وفي الوقت ذاته تأمين موارد مادية للضباط والعناصر.
واستلزم هذا بطبيعة الحال فتح أسواق للمسروقات، ما لبثت أن انتشرت في أرجاء المناطق السورية الواقعة تحت سيطرة النظام، لتستأثر بتجارة الأثاث المنزلي المستعمل والأجهزة الكهربائية، ومواد البناء بما فيها تجارة حديد الأسقف المهدمة.
وإبان سقوط النظام في سورية ترك عناصر الجيش وقوات الحلفاء العسكريون مواقعهم، العسكرية والمدنية، بشكل عشوائي، بهدف البقاء على قيد الحياة، ما سمح للبعض بسرقة بعض هذه المواقع.
من جهته يقول الكاتب السوري أحمد دعدوش ل”المنشر” :” تقريباً لا يخلو بيت علوي في سورية من شيء منهوب من غالبية الشعب السنيّ المسلم، فأثناء مجزرة حماة -التي حدثت في مثل هذا الشهر من عام 1982- انطلقت قطعان سرايا الدفاع لاستباحة المدينة ونهب كل ما فيها بالتزامن مع الإبادة الجماعية، ونُقل الأثاث وبضائع المحلات والمخازن بالشاحنات إلى جبال العلويين”.
مضيفا :”ومع اندلاع الثورة عام 2011 انتشرت ظاهرة “التعفيش” لسرقة كل ما يمكن نهبه من ممتلكات الشعب في كل مكان يهجّر أهله، وما كان يفيض عن حاجة الجندي اللص يذهب به إلى “سوق السنّة” في مناطق العلويين لبيعه بثمن بخس”.
وختم بالقول :”يجب أن يفهم كل لص علوي أن الحق لا يسقط بالتقادم، وأن المصالحة الوطنية لن تتم حتى يُعيد ما نهبه إلى الشعب الذي لم ولن ينسى حقه”.