قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إن حوالي 12.1 مليون شخص في سوريا، أي أكثر من نصف عدد السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مما يجعلها من بين البلدان الستة التي تعاني من أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي في العالم.
ويعزى هذا التدهور في الأمن الغذائي إلى أسباب عدة، من بينها اعتماد البلاد الشديد على الواردات الغذائية، بعدما كانت تتمتع باكتفاء ذاتي في إنتاج الغذاء في الحقبة الماضية، فضلا عن آثار الصراع الذي سيتجاوز عامه الثاني عشر. هذا بالإضافة إلى الدمار الذي خلفته الزلازل التي ضربت سوريا وتركيا مؤخراً، والتي فاقمت الاحتياجات الإنسانية الكبيرة بالفعل.
وبحسب برنامج الأغذية العالمي، فإن متوسط الأجر الشهري في سوريا يغطي حالياً حوالي ربع الاحتياجات الغذائية للأسرة فقط. وتظهر أحدث البيانات أن سوء التغذية آخذ في الارتفاع، مع وصول معدلات التقزم بين الأطفال وسوء التغذية لدى الأمهات إلى مستويات غير مسبوقة.
وتساءل كين كروسلي، المدير القطري للبرنامج في سوريا، عن الوضع الذي يجب أن يصل إليه الشعب السوري ليقول العالم “كفى”، وأضاف: “قصف وتهجير وعزلة وجفاف وانهيار اقتصادي والآن زلازل ذات أبعاد مذهلة. إن السوريين يتمتعون بمرونة كبيرة، ولكن هناك حدود لما يمكن أن يتحمله الأشخاص”.
ومن المتوقع أن يستمر المسار التصاعدي لسعر سلة المواد الغذائية الأساسية التي يقيس عليها برنامج الأغذية العالمي نسبة تضخم أسعار الغذاء. وقد تضاعف سعر هذه السلة عما كان عليه منذ سنة، وزاد بمقدار 13 ضعف سعرها قبل ثلاث سنوات.
وقال برنامج الأغذية العالمي، إن الزلازل الأخيرة سلطت الضوء على الحاجة الماسة إلى زيادة المساعدات الإنسانية في سوريا، ليس فقط للأشخاص المتضررين من الزلازل، ولكن أيضاً للذين يعانون بالفعل من الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية، وأزمة الوقود، والصدمات المناخية المتتالية.
وبلغت أسعار الغذاء والوقود أعلى مستوياتها منذ عقد، بعد سنوات من التضخم وانهيار قيمة العملة. وقد أدى تضرر البنية التحتية وارتفاع تكلفة الوقود والظروف الشبيهة بالجفاف إلى هبوط إنتاج القمح في سوريا بنسبة 75 في المائة.
وأكد البرنامج أن أزمة التمويل التي يواجهها في سوريا تهدد بتقليص المساعدات فيما الناس بأمس الحاجة إليها. ويحتاج البرنامج إلى 450 مليون دولار أمريكي بشكل عاجل كحد أدنى، لمواصلة المساعدات لأكثر من 5.5 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا حتى نهاية العام. ويشمل ذلك المبلغ 150 مليون دولار لتوفير المساعدات الغذائية لمدة ستة أشهر لحوالي 800 ألف شخص تضرروا من الزلزال.
وقال البرنامج إنه سيضطر إلى تقليص عدد المستفيدين من خدماته بشكل حاد بحلول يوليو إذا لم تتوفر الموارد الكافية. ومن بين الخدمات التي يقدمها البرنامج الحصص الغذائية، والبرامج التغذوية، والوجبات المدرسية، والقسائم النقدية، ودعم سبل العيش، وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، وشبكات الأمان الاجتماعي.
وبحسب كورين فلايشر، المديرة الإقليمية للبرنامج للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية، فإن العديد من السوريين يرددون عبارة “لقد نسينا العالم الآن”، وشددت على أن هذه العبارة “تذكير صارخ بالحاجة إلى بذل المزيد من الجهود”، وأضافت: “نحن بحاجة إلى الأموال لمواصلة توفير الغذاء لملايين العائلات – حتى يتمكن السوريون من تأمين غذائهم بأنفسهم من جديد”.
ويقول برنامج الأغذية العالمي إنه يعمل أيضاً على إيجاد حلول طويلة الأجل لمساعدة المجتمعات في سوريا للحد من اعتمادها على المساعدات الغذائية المباشرة من خلال دعم إعادة تأهيل أنظمة الري والمطاحن والمخابز والأسواق في جميع أنحاء البلاد.