«لو قامت مصر بعمل تعبئه عامه هل أنت جاهز لحمل السلاح مدافع عن أرض مصر الغالية»، هكذا تسائل احد رواد السوشيال ميديا، بعدما ظهر الي العلن إصرار إدارة الرئيس الأميركي ترامب علي تهجير أهالي غزة الي سيناء المصرية، في مقابل إصرار الرئيس المصري السيسي علي رفض الاقتراح الأمريكي.
وبعد 5 أيام فقط من عودته للبيت الأبيض ليبدأ ولايته الثانية التي تنتهي مطلع 2029، فجرت تصريحات الرئيس ترامب، بإخلاء الفلسطينيين من غزة المدمرة، جدلا عربيا وعالميا واسعا.
والسبت الماضي، وإثر مكالمة مع ملك الأردن عبدالله الثاني، وبينما هو على متن طائرة الرئاسة الأمريكية (إي. فورس وان)، قال ترامب، للصحفيين: “قلت له (العاهل الأردني) أود أن تستقبل المزيد (من سكان غزة)، وأود أن تستقبل مصر أيضا أشخاصا، نتحدث عن 1.5 مليون شخص تقريبا”.
وفي اليوم التالي وأثناء وجوده بمنتجعه في دورال بولاية فلوريدا، قال إنه وجه نداء مماثلا للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال محادثة أجريت بينهما الأحد، بأنه “يود أن تستقبل مصر أشخاصا وأن تستقبل الأردن أشخاصا”.
تصريحات ترامب، المؤيد القوي لإسرائيل، والتي لم تكشف عن رد فعل عبدالله، والسيسي، والتي تزامنت السبت الماضي، مع قراره بالإفراج عن إمدادات من القنابل التي يبلغ وزنها 2000 رطل لإسرائيل، وفق وكالة “أسوشييتد برس”، وصفها الكاتب الأمريكي ديفيد إغناطيوس، الاثنين، عبر مقال في “واشنطن بوست”، بأنها “مثل إلقاء قنبلة يدوية”.
ورغم أن ترامب، استدعى العديد من الأزمات، وافتعل معركة مع حليفته في حلف “الناتو”، الدنمارك بشأن غرينلاند، وهدد باستعادة “قناة بنما”، وسخر من كندا بسبب اختلال التوازن التجاري لديها، إلا أن مراقبين يرون أنها لن تعدو حيز التصريحات، أما بالملف الفلسطيني فإنه قد يبدو جادا.
ونقلت صحيفة “أكسيوس”، الثلاثاء، عن ترامب، قوله: “أعتقد أن الرئيس المصري سوف يستقبل الفلسطينيين من غزة، وملك الأردن سيفعل ذلك”.
وذلك رغم إعلان الأردن على لسان وزير خارجيتها أيمن الصفدي رفض المقترح، وبيان لوزارة الخارجية المصرية، يؤكد رفض الأمر، وقول السفارة المصرية في واشنطن، أن “مصر لن تكون جزءا من أي حل يشمل نقل الفلسطينيين لسيناء”.
وطرحت وكالة “أسوشييتد برس”، السؤال: هل يستطيع ترامب إجبار مصر والأردن على قبول تهجير الفلسطينيين من غزة إلى أراضيهما؟ مجيبة بالقول: ” يعتمد ذلك على مدى جدية ترامب في هذه الفكرة ومدى استعداده للذهاب إلى أبعد مدى”.
وفي تقريرها المنشور الاثنين، أكدت أن “الرسوم الجمركية الأمريكية إحدى الأدوات الاقتصادية المفضلة لدى ترامب، أو العقوبات الصريحة قد تكون مدمرة للأردن ومصر، فالبلدان يتلقيان مليارات الدولارات من المساعدات الأمريكية كل عام، ومصر غارقة بالفعل في أزمة اقتصادية”.
وبينت أن “السماح بتدفق اللاجئين قد يؤدي أيضا إلى زعزعة الاستقرار”، ولفتت إلى أن “حماس والجماعات المسلحة الأخرى متجذرة في عمق المجتمع الفلسطيني ومرجح أن تتحرك مع اللاجئين، ما يعني أن الحروب المستقبلية ستدور على الأراضي المصرية، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تفكك معاهدة كامب ديفيد التاريخية للسلام، والتي تشكل حجر الزاوية للاستقرار الإقليمي”.
الكاتب الصحفي عبدالعظيم حماد، أعرب عن مخاوفه من أن يكون الرفض العلني المصري خلفه آخر في الخفاء، مذكرا بقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، لترامب ذات مرة: “ألا يهتم بما يقوله المسؤولون العرب علنا في الموضوع الفلسطيني لأنهم يفضلون الهمس في الظلام بمواقفهم الحقيقية”.
وكان السيسي، قد قال خلال استقباله المستشار الألماني أولاف شولتس 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وبعد 11 يوما من “طوفان الأقصى”، وتفجر حرب الإبادة الدموية الفلسطينية بحق 2.3 مليون فلسطيني في غزة، إن “تهجير الفلسطينيين لسيناء يعني نقل القتال إليها وستكون قاعدة لضرب إسرائيل”، وأشار لإمكانية نقلهم لصحراء النقب حتى تنهي إسرائيل عمليتها بغزة.
وفي قراءته لتصريحات ترامب، قال الإعلامي المصري والمحلل السياسي المقيم في أمريكا محمد السطوحي، إن “ترامب يريد استغلال الأوضاع السياسية والاقتصادية غير المستقرة لممارسة الضغط على مصر والأردن”.
وأضاف: “لكن ما يطلبه ترامب الآن ليس مجرد تنازل تكتيكي يمكن احتماله في إطار صفقة متوازنة أو حتى غير متوازنة، بل إنها تفتقد أساسا لمفهوم الصفقات التي يفخر ترامب بقدرته على عقدها، فهو الآن يتحدث بمفهوم فرض (فرماناته) على الآخرين”.
ويرى السطوحي، أن “المشكلة هي أن ما يطلبه الآن يعني إعادة رسم حدود المنطقة وتشكيلها في إطار رؤية إسرائيلية يمينية متطرفة، والاستجابة له ستؤدى حتما إلى هز استقرار دول المنطقة”.
ويتوقع “لذلك حدوث مقاومة كبيرة خصوصا على المستوى الشعبي، ومن الفلسطينيين أنفسهم، والذين يتعامل ترامب معهم ككم مهمل لا يهتم برغباتهم وإرادتهم، ويعتقد بإمكانية فرض التطهير العرقي عليهم”.
وأشار الصحفي المصري، إلى ضرورة “أن يكون الزعماء العرب أقوياء في رفض مطالب ترامب، فهو كان يقول أثناء فترة رئاسته الأولى إنه يحترم الزعماء الأقوياء؛ وضرب أمثلة على ذلك بفلاديمير بوتين في روسيا ورجب طيب أردوغان في تركيا، والرئيس شي جين بينغ في الصين”.
وأكد أن “محاولة إرضائه (ترامب) بعبارات دبلوماسية لتجنب استفزازه سيفسرها كعلامة ضعف يستغلها لفرض مزيد من الضغوط والتنازلات”.ويعتقد السطوحي، أنه “رغم هشاشة النظام العربي في هذه المرحلة؛ فإني أعتقد أن لديهم ورقة مهمة يمكن الاستفادة منها”، مبينا أن “ترامب يسعى لتوسيع الاتفاقات الإبراهيمية لتشمل السعودية وبقية دول الخليج ودمج إسرائيل في المنطقة”.
ومضى يؤكد أنه “هنا يجب أن تتخذ الدول العربية موقفا قويا متماسكا لا يكتفى بالتهديد بتعليق عملية التطبيع؛ ولكن أيضا التأثير سلبا على علاقات إسرائيل القائمة بالفعل مع دول المنطقة، بحيث تعيد حسابات المكسب والخسارة ترامب ومن يعبر عنهم في إسرائيل إلى رشدهم”.