على خلاف الطابع “الفردي” الذي ميّز العمليات الفلسطينية ضد أهداف إسرائيلية منذ عام 2015، التي طالما باركتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فإن الحركة -عبر جناحها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام- تبنت صراحة عمليتي حوارة وتل أبيب، وتوعدت بـ”مزيد من الضربات الموجعة”.
وفي بيان أعلنت حركة حماس مسؤوليتها عن عملية شارع ديزنغوف بتل أبيب، وقالت: “نزف الشهيد القسامي المعتز بالله الخواجا (من بلدة نعلين غربي رام الله)، ونبارك عمليته البطولية، ونتوعد الاحتلال المجرم بالمزيد”.
وأضافت أن العملية، التي أدت إلى إصابة 5 إسرائيليين واستشهاد المنفذ، تأتي “ردا على جرائم الاحتلال في بلدة جبع جنوبي جنين”، حيث اغتال الاحتلال 3 فلسطينيين ينتمون إلى سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، صباح أمس الخميس.
وقبل ذلك تبنّت كتائب القسام عملية حوارة، التي أدت إلى مقتل مستوطنَين أواخر الشهر الماضي، ونعت منفذها عبد الفتاح حسين خروشة الذي استشهد في اقتحام جنين قبل يومين.
المراقب لسياسة الحركة في السنوات الأخيرة يجد تغيرا في بيانها الأخير، تحديدا في ما يتعلق بساحة الضفة الغربية، فهي من جهة أعلنت صراحة مسؤوليتها عن العمليتين وتبنت منفذيها من دون الاكتفاء بالمباركة.
ومن جهة ثانية، فإن إحدى العمليتين وقعت في العمق الإسرائيلي، وفي مدينة تل أبيب تحديدا، وهو ما يعيد للأذهان عمليات التفجير التي كان ينفذها جناحها العسكري أواسط التسعينيات وبدايات انتفاضة الأقصى.
لذلك، تطرح العمليتان تساؤلات عن إمكانية وجود تغيير في نهج الحركة بالعودة إلى العمل العسكري المنظم بالضفة، خاصة بعد سنوات من التفكيك لبنيتيها السياسية والعسكرية من قبل إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ونقل المعركة من ساحة الضفة إلى العمق الإسرائيلي.
في هذا السياق، يقول المحلل السياسي سامر عنبتاوي إن حركة حماس ظلت دائما داعمة للعمليات الفردية المسلحة، وهي عمليات -وإن كان الاحتلال يطلق عليها عمليات الذئب المنفرد- مدعومة ماديا وإعلاميا من الحركة من دون إظهار هذا الدعم.
وأضاف عنبتاوي أن الوضع الجديد الذي يفرضه الاحتلال في الضفة -وتحديدا العمليات الإجرامية والمجازر في نابلس وجنين وأريحا- تفرض على الحركة نهجا جديدا.
لا يفصل عنبتاوي بين عمليتي حوارة وتل أبيب من جهة، وإعلان الاحتلال العثور على عبوة ناسفة في حافلة داخل مستوطنة بيتار عيليت من جهة أخرى، معتبرا أن “محاولة تفجير الحافلة تندرج في الإطار نفسه، نحن أمام موجة عمليات بتطور وتبنٍ واضح من حماس، وقد تلجأ قوى أخرى لهذا النهج”.
وتابع أن “دولة الاحتلال كانت تتعامل طوال الفترة الماضية مع عمليات فردية من دون قيادات سياسية وأمنية، أما الآن فإنها تتعامل بشكل مباشر مع حركة حماس كمسؤولة عن العمليات سواء السابقة أم المقبلة”.
ورجح المحلل السياسي أن تحمل الفترة القادمة مزيدا من التصعيد قد يصل قطاع غزة، خاصة مع وجود حكومة إسرائيلية لم تترك مجالا إلا للتصعيد وتهيئ للمزيد في رمضان”.
ويلفت عنبتاوي إلى مفارقة جديدة في العمليات الفلسطينية في الآونة الأخيرة، إذ إن “كل عملية إسرائيلية يقابلها عملية فلسطينية مباشرة وسريعة، فضلا عن تأثير مباشر في الداخل الإسرائيلي حيث يجري تحميل المسؤولية لحكومة نتنياهو ووزرائه المتطرفين من قبل المعارضة”.